عناقيد الموت
 

إسماعيل علي

كعادته من أربعينيات القرن الماضي وحتى اللحظة، يبني رصيده المالي بجماجم الأطفال، باسم الدفاع عنهم، يومها بنى منظومته العصبوية تحت مسمى (عصبة الأمم المتحدة)، في تلك اللحظات المأساوية لم تكن دماء أطفال هوريشيما ونجازاكي قد جفت بعد.
فمن ألقى القنبلة النووية على تلكما المدينتين اليابانيتين الشرقيتين، لم يكن متطرفاً إسلامياً، بل كان ليبرالياً علمانياً (أمريكياً).. مئات المصانع والشركات المنتجة للأسلحة الفتاكة البيولوجية، والنووية، والعنقودية، والفسفورية، وغيرها، ممولة بماله، ومحمية بإدارته وإرادته، لم تنتج إلا لقتل الأطفال والنساء، من أجل حريتهم وتحريرهم من إرادتهم، خوفاً على إنسانيتهم وحقوقهم من أن تنتهك..!
عشرات الأساطيل العائمة في البحر، والتي تحمل على ظهرها عشرات القاذفات المتحركة والثابتة، لم تنتج إلا لحماية الأطفال من الاستغلال، فتجهز عليهم عن بعد - بحيث لا يشعر بهم أحد - خوفاً على إنسانيتهم..!
اليوم، مئات الآلاف من الطلعات الجوية وعشرات الآلاف من الأطنان المتفجرة بكل أنواعها، منذ عامين، تبعثر أجساد اليمني إلى أشلاء، خوفاً عليهم من تجنيدهم قسراً من قبل (جماعة الحوثي) التي تدافع عن الوطن وشرفه وعرضه من شره مصاصي الدماء العصريين...!
اليوم، عناقيد الموت تتربص بأطفالنا، ونسائنا، ومواشينا في الحقول والمزارع والطرقات، لا لشيء، إلا لأنهم أبوا الذل والارتهان لقوى الطغيان وأدواتها الأعرابية.
يحرك عليك آلاف الطائرات الحديثة، ويستنكر عليك دفاعك عن نفسك، بل يعض على أنامله من الغيظ.. لماذا أنت مصرٌّ على الصمود والتحدي في وجه آلاته الحربية (البرية والبحرية والجوية)، طيلة عامين من الصمود التاريخي الذي مرغت أنف عنفوانه وتكنولوجيته الحربية الحديثة في التراب..؟
ما يزيده غيظاً وارتباكاً حصارك عامين وأنت لا تزال واقفاً على قدميك، ولم يجد منك أية إشارة للخضوع والامتثال لجبروته.
منذ الأيام الأولى للعدوان البربري، فارت مطارات العالم باليمنيين، وزينت سماؤها بالعلم الوطني اليمني، مطالبة بالعودة إلى الوطن تحت أزيز الطائرات وصوت المتفجرات، دون خوف، بينما مواطنو أسرة بني سعود بادروا بالهجرة والخروج من وطنهم في الأيام الأولى للعدوان، بل شاهدنا العديد من الجنود يفرون من أمام المقاتل اليمني الجسور.. أما عندما يشاهد طفلاً يشعل النار في الأبرامز فخر صناعته، ظل وجهه مسوداً وهو كظيم من سوء ما رأى..
وبعد عامين من العدوان والحصار، طائرة بدون طيار ترى النور بخبرات يمنية بحتة، والقادم من الأيام ستكشف صلابة وقوة وأصالة يمننا الحبيب، وتسقط الأقنعة والزيف والتضليل عن وجوه الاستكبار العالمي المستغلين لثروات الشعوب وخيرات أرضها.
عذراً صغيري، ففردة نعلك المتبقية في رجلك اليمنى أطهر من خدود شذاذ الآفاق مدعي الإنسانية، وعصاتك في يمينك كعصاة موسى تلقف ما صنعوا؛ فألقها ولا تخف.

أترك تعليقاً

التعليقات