معركة الوعي
 

إسماعيل علي

من أهم سمات الرشد: الوعي، والتفكير والنظر بعين البصيرة في اختيار طرق الاستقلالية من وصاية الآخر، بالتنقيب بأدوات العقل وآلة العقلانية الرشيدة الدقيقة بين وسائل العصر التي وظّفت للهدم وتشويش العقل وتلبيس الحق بالباطل.. فصرخة (كانت)، كانت في وجه العبودية والتبعية الهوجاء التي تعطل العقل والإدراك، وتلخصت في هذه الكلمات (فكّر بنفسك ولا تجعل لأحدٍ وصاية على فكرك). فمعركتنا هي معركة وعي على كل المستويات وفي كل الساحات؛ بالكلمة والصوت والصورة والقلم، بالتوازي مع المعركة المسلحة... وبالتالي:
- لنا شرف التصدي لهذا الصلف والغوغاء والتضليل الذي تموله ممالك الموت والجهل والتخلف.
- لنا شرف الصمود لما يقارب العام أمام آلة الموت والإرهاب المدعومة بتضليل إعلامي لا شبيه له على مر الأزمان.
فلنرفع قبعاتنا وننحني شكراً وإجلالاً لله الذي أودع في شعبنا هذه القوة المعنوية التي يفتقِدُها الطرف الآخر بإيمانه بالمادة التي تشبعت بها قوى الشر وأنظمة الجور والاستكبار والارتهان.
فروح القوة، وروح المعنى، وروح القيمة وسر الخلود، كلها طاقة كامنة يتمتع بها الإنسان اليمني، تتجلى في صورة بنيان راسخ رسوخ الجبال، من الصمود الأسطوري، والوعي الإدراكي المعنوي أمام آلتي الموت والتوحش بشقيه المادي الجسدي والمعنوي الروحي؛ فالأولى: آلة الموت الحربي الوحشي... والثانية: آلة الزيف والتضليل الإعلامي..
أما الأولى فنستطيع أن نقول إن قوى العدوان نجحت نسبياً وفق معيار المادة في الخراب والدمار وإراقة مزيد من الدماء البريئة..
وأما الثانية فنستطيع أن نقول إن ما يحصل في اليمن معجزة..! على ذوي العقول أن تستوقفهم هذه المحطة التاريخية، على مراكز الدراسات والبحوث والكتاب والمؤرخين والسياسيين وكل طبقة النخبة من قراء وكتاب ومثقفين في كل أقطار العالم، أن يعيدوا النظر في ما لديهم من مسلمات، سواء مسلمات علمية عقلية أو مسلمات وهمية تضليلية غرستها ماكينة الإعلام الغربية والعربية الرجعية.. فقد تهاوت واندحرت على أيدي هؤلاء البسطاء الفلاحين تلك الأساطير الوهمية التي تعتمد على المادة وأشكالها. 
نعم ما يجري في اليمن اليوم مذهل..! بكل المقاييس والمعايير؛ كما أنه على المستوى نفسه يعد شيئاً من الجنون بالنسبة لقوى العدوان ومن خلفهم على كل الجبهات، العسكرية والثقافية والإعلامية والنفسية..
ما أصبو إليه هو أن نحافظ على هذا البنيان من المعنى، وعلى هذه الطاقة الكامنة من الوعي والإدراك والإيمان بالروح والقيمة في الإنسان اليمني الشريف الكريم الأصيل الذي قلب موازين المعادلة بصبره ووعيه وإيمانه بقضيته كونه مستمداً هذه القوة وهذا العون من القوة الغيبية التي يجهل معناها وأثرها الكثير؛ وذلك بتوجيه إعلامنا وأقلامنا وإرشادنا وندواتنا إلى الذهنية اليمنية، بأن تبقى مستمرة في اليقظة والوعي، وعدم الانجرار وراء القشور والزيف والتضليل، وخاصة في هذا الفضاء الإعلامي الذي يموج بالآلاف من تلك الوسائل الهدامة.  
فمعركة الوعي هي معركتنا..! فنحن أهل للذود عن الحرم والمقدسات، ليس لنا فحسب، بل لكل المستضعفين في هذا العالم، حربنا حرب دفاع عن قيم الإنسانية انطلاقاً من قوله تعالى: (أُذن للذين يقاتَلون بأنهم ظُلموا وإن الله على نصرهم لقدير).

أترك تعليقاً

التعليقات