إسماعيل علي

منذ تأسست جمعية الأمم المتحدة وحتى اللحظة.. ماذا قدمت للإنسانية؟ متى كُتب لها الشرف الأخلاقي للوقوف بحزم أمام مرتكبي جرائم الحرب..؟ متى خرجت ولو مرة واحدة من قاموس التهرب القيمي والأخلاقي مفردات لغتها (القلق، والشجب، والاستياء)؟
لك أن تقف لحظة للتأمل أمام تاريخ تأسيسها، ففي 24 أكتوبر 1945م، لحظة العملية الإرهابية النووية التاريخية التي سحقت الآلاف من أطفال هيروشيما ونجزاكي اليابانيتين.. ولك أن تسأل من ألقى القنبلتين النوويتين؟ ومن أنشأ ميثاق الأمم المتحدة؟ فمنذ تاريخ التأسيس وحتى اللحظة أشلاء الأطفال والنساء، والأبرياء، والشيوخ، على أرصفة  الشوارع، وحيطان المدارس، وأبواب المساجد، والكنائس، وعلى زجاجات المقاهي والمطاعم، وتحت ركام المساكن، والمنشآت، امتداداً من أقصى الغرب بدءاً من برلين، مروراً بروما وباريس وكوسوفو، وانتهاءً بأقصى الشرق بدءاً من هيروشيما، مروراً بفيتنام، وبغداد، ودمشق، وبيروت، وأفغانستان، وطهران، والصومال والجزائر، وما يجري في اليمن اليوم ليس إلا حلقة قد لا تكون الأخيرة من ذلك المسلسل الدرامي الدموي؛ وفق الخطة التي رسمتها الليبرالية المتطرفة في أكتوبر 45م. 
قائمة العار:  أيُّ عارٍ في جبين الإنسانية إزاء  ما يتعرض له الشعب الفلسطيني مذ 68 عاماً، في ظل مواثيقكم؟! أيُّ عار بعد هذا العار تتحدثون عنه؟! من أعطاكم هذا الحق..؟ ومن منحكم هذه الثقة؟ أيُّ عرف، أو قانون، أو شرع يشرعن لكم ما أنتجته شرعية الغلبة والتسلط؟ حيث يجعل الإنسان أمام أمرين اثنين أحدهما أمر من الثاني:
الأول وضع رقاب الشعوب التواقة إلى التغيير والعيش الكريم، الداعية للخروج من هذه المنظومة الإرهابية العصبوية، التي كرست جهودها لصهر كل القيم والمقدسات لدى أي شعب في كل أصقاع الأرض، في بوتقة النظام العالمي الرأسمالي، الذي بدوره يعمل على تحويل كل تلك القيم المعنوية، والمقدسات المادية، إلى سلعة ربحية تصب في مصلحة اللوبي العالمي.. وضعها على مقصلة ميثاق الأمم؛ بشماعة الخداع والزيف والتضليل. 
ثانيهما: الموت البطيء لتلك الشعوب التي بلعت طعم شرعية الغلبة، واستجابت لدعاة العدالة.
إن إنشاء النظم، والدستاتير، والمواثيق في أطار التراضي، هو بمثابة حرم تحمي الحقوق، وتكفل الوجود والحريات وفق قاعدة (العدل لا المساواة)؛ لكن عندما تُنشأ تلك المواثيق على مبدأ الغلبة والتسلط؛ فإنه يترتب عليه هتك لتلك الحرم، والمقدسات.
فإذا كان الغرض من إنشاء المواثيق حماية الإنسان ومقدساته..؛ بات عليه أن يُذبح لحماية الميثاق، أو الدستور، أو القانون؛ لأن هذه هي شرعية الغلبة، ومواثيق التسلط، والتعسف، وقهر الشعوب بقتلها ونهب ثرواتها، وفق (سياسة عصبة أمم) التي من نماذجها هيروشيما في اليابان، وقانا وصبرا وشاتيلا في لبنان، وأبو غريب في العراق، ومجزرة منبه ومستباء في شمال اليمن، ومجزرة المخا وأعراسها في غرب اليمن.. 
فإذا كان هناك من خطوة تتخذونها إزاء ما يحدث في اليمن، تمحوكم من قائمة العار حسب توهمكم، فتريثوا قليلاً؛ لأنها ليست مجدية في ظل منظومة الموت الأممية؛ كما أنه إذا كان هناك من شرف، أو وسامٍ سوف تُمنحونه في تجريمكم ولو أدبياً لمن قتل أطفال اليمن طيلة أكثر من 400 يوم، فتمهلوا قليلاً؛ لأننا سنمنح السفاح العفو مقابل ألا تمنحوا أنفسكم ذلك الشرف؛ لأنكم لستم أهلاً للفضيلة.. 
وكونوا على يقين بأن ما يجري بحق الإنسانية، هو بحساب النقص في معياري القيمة، والأخلاق، اللذين يظلان روح الإنسانية، وما دونهما يزول ويضمحل مع الزمن. فبعد كل هذا العبث، والصلف، وبعد كل هذا الهراء السياسي من قوى الشر والتسلط؛ فإنه بات على شعوب العالم بأسره أن تعي خطورة استمرار هذه المنظومة وفق مواثيقها التي صاغتها شهية الموت الليبرالية؛ لأنها من ستكتوي بنيرانها وتتجرع حممها كل مساء، وصباح.. وألا تعول على أي نظام سياسي يدور في فلك تلكم المنظومة.. 
فبدل أن نُسلخ في محراب النفط، علينا أن نصلي في محراب الحرية.

أترك تعليقاً

التعليقات