ماذا بعد العدوان «الإسرائيلي» على إيران؟
- أحمد رفعت يوسف الأحد , 27 أكـتـوبـر , 2024 الساعة 7:09:55 PM
- 0 تعليقات
دمشـق أحمد رفعت يوسف / لا ميديا -
أما وقد حصل الرد "الإسرائيلي" المنتظر على إيران، فقد أصبح مشهد الصراع في المنطقة، أكثر تعقيداً، رغم أنه أصبح أكثر وضوحــا، فـي قراءة مساراته وتوقعاته.
قد يكون من الصعب بهذه السرعة، التقييم الحقيقي والنهائي لنتائج العدوان على الأرض وتداعياته، لكن ما ظهر من تقاطع في المعلومات، وردود فعل الإعلام العبري بشكل خاص، يؤكد أن العدوان حمل قبل كل شيء، ملامح ضعف وخوف "إسرائيلي" أمريكي، من مسار الصراع الدائر اليوم، والذي سيتحدد بنتيجته، شكل المنظومة الإقليمية والدولية التي تتشكل، انطلاقاً من منطقة غرب آسيا، التي تعتبر على مدى التاريخ، نقطة التوازن الاستراتيجي في العالم، ومنها تتحدد القوى والدول والإمبراطوريات، الصاعدة والهابطة.
كما أعطى العدوان، رسالة لكل المعنيين، بأن أمريكا و"إسرائيل"، يتجنبان التصعيد، في هذا الصراع، حتى لا يتكرر مشهد أفغانستان، في كل المنطقة، بدءا من فلسطين المحتلة.
هذه الصورة، قدمها -قبل غيره- الإعلام العبري وقراءات المحللين السياسيين والعسكريين "الإسرائيليين" وقادة المعارضة، حيث وصفت وسائل إعلام عبرية العدوان "الإسرائيلي" بـ"الرد الركيك على إيران، يهدف لأغراض سياسية، هدفها الإظهار لناخبي نتنياهو، أننا فعلنا شيئاً".
وتعليق آخر يقول "الهجوم الإسرائيلي على إيران، كان استعراضياً في الواقع، ولم يحقق أي هدف استراتيجي".
أما رئيس المعارضة يائير لابيد، فقد قال: "إيران شلت إسرائيل بإطلاقها الصواريخ عليها، في وقت سابق".. وأضاف: "إسرائيل لم تهاجم إيران بالقوة الكافية، ولا بالأهمية الكافية".
إضافة إلى هذا الإجماع على محدودية العدوان "الإسرائيلي" على إيران، أيضاً لا يمكن فصله عن أجواء الميدان في جنوب لبنان وفلسطين المحتلة، فالكيان الصهيوني، يخوض حرب استنزاف صعبة جداً، وتبدو أكبر من قدرته على مواجهتها، لولا الإنعاش، الذي توفره له، الولايات المتحدة الأمريكية، ومنظومتها العدوانية، وأدواتها في المنطقة.
كما تمكنت المقاومة اللبنانية، من استعادة الكثير من عوامل قوتها، بعد الضربات الصعبة، التي تلقتها، وهي في حالة تصعيد للمواجهة، وتوجه ضربات مؤلمة للكيان الصهيوني، سواء في تصديها لمحاولات تنفيذ هجوم بري "إسرائيلي" والخسائر الكبيرة التي توقعها في صفوف عناصره البشرية، ودبابته وآلياته، أو في الضربات التي توجهها لجبهته الداخلية، ومنشآته العسكرية والحيوية، ومسار هذا الصراع، يؤكد أن الوقت لن يطول، حتى تستعيد المقاومة اللبنانية، زمام المبادرة، في هذه المواجهة.
أيضاً المقاومة الفلسطينية في غزة، تبدو في وضع أنها لازالت قادرة على المقاومة والصمود، وتوجيه ضربات مؤلمة، لوحدات الجيش "الإسرائيلي".
بعدما أبدى الكيان الصهيوني، عجزه عن تحقيق أهدافه على الأرض، لم يبق لديه سوى ما يمتلكه من فائض قوة في الجو، الذي يستخدمه في حملة التوحش والتدمير، التي يقوم بها، لتعويض عجزه على الأرض، وفي حال أوجد محور المقاومة، طريقة لتحييد سلاح الجو "الإسرائيلي" إما بوسائل دفاع جوي، أو بإرساء قاعدة التدمير بالصواريخ، مقابل الطيران، فسيكون هناك وضع آخر مختلف في مسار الصراع.
هذا الاستعصاء "الإسرائيلي" الأمريكي، قد تتم ترجمته على الأرض، بحملة جنون "إسرائيلي" من التوحش والتدمير، في محاولة لإقناع الداخل والخارج، بأنه لايزال يمتلك زمام المبادرة، ويبقى الحذر الأكبر، من مفاجآت، قد يقوم بها على غرار أجهزة البيجر، أو نجاحه بتنفيذ حملة اغتيالات جديدة.
مع هذا المسار التصاعدي، قد يأتي وقت غير بعيد، ويجد قادة الكيان أنفسهم، في وضع من الصعب جدا عليهم، تحمل حرب استنزاف طويلة، مهما قدم لهم من مساعدات عسكرية ولوجستية، ومهما أظهروا من توحش وتدمير، لأن الأمر يتعلق هنا في جبهته الداخلية الهشة، وقدرتها المحدودة على الصمود، في هكذا حرب، بعيدة كل البعد، عن الأسس التي قام عليها الكيان الصهيوني، أو عقيدته القتالية، وأبرز تداعياتها، ستكون هجرة جماعية للمستوطنين، تقضي على أهم أركان الكيان الصهيوني.
بعد هذه التطورات، ستزدحم الطرقات إلى طهران، من حاملي الرسائل الأمريكية، ومن دول "التفاهة" الأوروبية، وفي مقدمتها فرنسا، لمحاولة ثني إيران، عن الرد على العدوان "الإسرائيلي"، معتمدين على قول "الخرف" جو بايدن، بأن على إيران ألا ترد، واعتبار أن الرد والرد "الإسرائيلي" والإيراني، أصبحا متعادلين، ويجب أن يتوقفا عند هذا الحد.
الموفدون سيقدمون لطهران، جملة مغريات خاصة بها، لثنيها عن الرد، مغلفة ببعض الوعود المتعلقة بجبهتي لبنان وغزة، لكن واقع الأمر يقول إن لا أحد من الوسطاء، سيكون قادراً على تقديم وعود بوقف حقيقي للعدوان "الإسرائيلي"، لأن الحكومة "الإسرائيلية" عاجزة عن القبول بأي وقف للقتال، لأسباب داخلية، وأخرى تتعلق بالخوف الوجودي على الكيان، في حال القبول بوقف القتال، بدون تحقيق أي هدف استراتيجي، من أهداف العدوان على قطاع غزة ولبنان.
هذه الوقائع، تؤكد أن الرد الإيراني، قادم بكل تأكيد، والأنباء من داخل إيران تقول بأن منصات الصواريخ جاهزة ومستعدة للانطلاق، بانتظار قرار القيادة الإيرانية، بعد تقييم ما حدث، من النواحي الميدانية والسياسية، والأضرار التي وقعت، وطريقة وطبيعة الرد وحجمه.
ما يميز توقع الرد الإيراني، هذه المرة، أنه لن ينتظر الوسطاء والوعود، التي استنفدت وسقطت، منذ الضربة الإيرانية على الكيان الصهيوني، خاصة وأن الاستعدادات العسكرية واللوجستية متخذة، والدافع الكبير موجود، للرد على الاعتداءات "الإسرائيلية" على المقاومة اللبنانية، منذ عملية أجهزة البيجر، واغتيالها قادة المقاومة، وفي مقدمتهم السيد حسن نصر الله، وعدد من كبار الضباط الإيرانيين، وكل الدلائل تؤكد أن إيران لن توفر هذه الفرصة الاستراتيجية، لتعزيز موقفها، ومكانتها، ولتأكيد قوتها.
هذا يؤكد أن المنطقة دخلت بعد العدوان "الإسرائيلي" على إيران، مرحلة جديدة من الصراع، أبرز ملامحه، أن محور المقاومة، يراكم نقاط قوة، سيكون لها تأثير كبير، سيؤدي في لحظة ما، إلى تغير استراتيجي ودراماتيكي، في مسار الصراع، لغير صالح العدو الأمريكي "الإسرائيلي".
المصدر أحمد رفعت يوسف
زيارة جميع مقالات: أحمد رفعت يوسف