أحمد رفعت يوسف

دمشق ـ أحمد رفعت يوسف / لا ميديا -

إلى ما قبل عام واحد فقط، لم يكن أحد في الكيان الصهيوني يتحدث عن أي خطر قد يشكله اليمن على كيانهم؛ لكن تبدل موازين القوى، والقوة، وتطورات الصراع في الجبهات المفتوحة من سورية إلى اليمن، مروراً بالعراق ولبنان، وتشعبات وتشابكات ملفات المنطقة مع أزماتها، وفي مقدمتها الملف النووي الإيراني، واغتيال القائدين الجنرال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، ثم الخبير النووي الإيراني، محسن فخري زادة، غيَّرت الكثير من معطيات الصراع وأدواته، وغيرت الكثير من التوقعات عن تطوراته واحتمالاته.
اليمن، الذي كان مستبعداً من الخط المباشر للصراع العربي ـ الصهيوني لعدة أسباب أهمها: بعده الجغرافي عن مركز الصراع، وانشغاله بمشاكله الداخلية، ومحدودية قدرته على التحرك العسكري ضد «إسرائيل»؛ دخل اليوم دائرة «أعداء إسرائيل»، بعد فشل العدوان على اليمن في تحقيق أهدافه من جهة، وتصاعد القدرات العسكرية لليمن من جهة ثانية، وتحديداً في سلاحي الطيران المسيَّر والصواريخ البالستية الدقيقة.
هذه التطورات أشعلت بداية ضوء أصفر خافت داخل الكيان الصهيوني، لكن الاستخدام الناجح للقدرات العسكرية اليمنية، وتوجيه الضربات الدقيقة والموجعة لمنشآت «أرامكو» السعودية، رفع الأصوات المحذرة داخل الكيان الصهيوني من هذه التطورات (نشرنا تقريراً عنها في عدد سابق) ثم جاءت عملية قصف منشآت النفط السعودية قرب جدة في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وتكرار الأمر مع استهدف ناقلة نفط في ميناء جدة منتصف الشهر الفائت كانون الأول/ ديسمبر، لتحوّل الضوء داخل غرف العمليات، وفي دوائر القرار السياسي والعسكري داخل الكيان الصهيوني من الأصفر إلى الأحمر، ولتضع اليمن وبشكل جدي في دائرة المواجهة المباشرة مع العدو الصهيوني.
وبعد هذه التطورات الميدانية، جاءت التصريحات والمواقف السياسية، من أكثر من طرف يمني، وفي مقدمتها تحذيرات السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، الذي توعّد «إسرائيل» بضرب أهداف قاسية في عُمقها في حالِ ارتِكابها أيّ حماقة ضدّ اليمن، وتصريحات العميد يحيى سريع، الناطق باسم الجيش اليمني، من أن مساعدة الكيان الصهيوني للعدوان السعودي على اليمن لن يمر بدون رد، وكذلك تهديد المصدر المسؤول في الخارجية اليمنية الذي جاء فيه: «في حال إقدام الكيان الصهيوني على أي تحرك، أو عمل متهور يمس اليمن، فإن أية مصالح لإسرائيل أو شركائها في البحر الأحمر ستكون هدفا مشروعا، في إطار حق الرد الذي كفلته كافة المواثيق والاتفاقيات الدولية»، لتجبر قادة العدو «الإسرائيلي» على أخذ هذه التصريحات والمواقف على محمل الجد، وهو ما بدأ يأخذ حيزاً واسعاً في وسائل الإعلام «الإسرائيلية» وفي تحليلات وآراء المحللين والمعلقين العسكريين والاستراتيجيين «الإسرائيليين».
محلل الشؤون الأمنية والعسكرية، نير دفوري، الذي يرى الأمر من وجهة التهديد الإيراني، أشار إلى ظهور تهديد جديد يتمثل بتمركز إيران في اليمن.
وأكد دفوري أن «الأراضي اليمنية تشكل نقطة انطلاق الصواريخ الباليستية نحو إسرائيل، حيث يراقب الجيش الإسرائيلي عن كثب الحرب في اليمن التي أضافت إلى قائمة مهامه ساحة جديدة بعيدة ولكنها مهمة بالنسبة إليه».
من جانبه رأى مُعلّق الشؤون العربية، ايهود يعاري، أن «الحوثيين في اليمن قد يحصلون على صواريخ كروز وربما طائرات بدون طيار، ما سيسمح لهم بضرب إسرائيل بنفس أسلوب إطلاق الصواريخ الذي ينفذونه في عمق الأراضي السعودية».
كما حذر يعاري من أن اليمنيين يهددون بضرب السفن التي تبحر من وإلى «إسرائيل» في البحر الأحمر، وكثيرا ما يقومون بزرع ألغام بحرية من نوع «سيداف» الإيرانية لمهاجمة السفن.
وأشار يعاري إلى اتهام اليمنيين «إسرائيل» بمساعدة السعودية في حربها الفاشلة على اليمن، ورأى أن «من المستحسن أن يشارك الأمريكيون مواجهة هذا الخطر، وأن توضح إسرائيل أنها لا تتدخل في الحرب، وتؤكد أن الحوثيين سيتضررون كثيرا في حال إقدامهم على العمل ضدها».
أما المتحدث باسم الجيش «الإسرائيلي»، هيداي زيلبرمان، فقد رفع سقف التوقعات وتوضيح الموقف «الإسرائيلي»، حيث أكد في حديث لموقع «إيلاف» السعودي أن «إيران قد تهاجم إسرائيل من العراق أو من اليمن».
وأشار زيلبرمان إلى أن قائد الأركان «الإسرائيلي»، أفيف كوخابي، عندما حذر إيران من الإقدام على أي هجوم، قصد العراق واليمن.
كما أشار زيلبرمان إلى الهجوم الذي طال منشآت «أرامكو» السعودية في أيلول/ سبتمبر 2019 بالطائرات المسيرة والصواريخ الموجهة عن بعد بدون أن يكشفها أحد، وأكد أن الأمر قد يعاد فعله انطلاقا من تلك المواقع ضد «إسرائيل»، لذلك (أصبحت) عينها على العراق واليمن مؤخرا.
ما تقدم من مواقف ومواقف مضادة، يؤكد أن القادة السياسيين والعسكريين في الكيان الصهيوني بدؤوا يأخذون المواقف اليمني على محمل الجد، وباتوا يدركون أن التطورات الميدانية في اليمن تشكل تهديداً جدياً لكيانهم، وهم يدركون تمام الإدراك أن من يمتلكون الصواريخ الدقيقة والبعيدة المدى والطائرات المسيرة المتطورة، ويمتلكون القدرة على إيصالها لضرب منشآت «أرامكو» وميناء جدة وأكثر من موقع على سواحل البحر الأحمر، بدون أن يتم اكتشافهم أو اعتراضهم، يمتلكون القدرة على إيصالها إلى أي موقع في فلسطين المحتلة.

أترك تعليقاً

التعليقات