سورية وترامب..خطة ووعود بالانسحاب.. والعبرة في التنفيذ
- أحمد رفعت يوسف الثلاثاء , 12 نـوفـمـبـر , 2024 الساعة 12:52:10 AM
- 0 تعليقات
أحمد رفعت يوسف / لا ميديا -
احتل الملف السوري حيزا واسعا من الاهتمام، منذ فوز دونالد ترامب، بانتخابات الرئاسة الأمريكية، وصدور تصريحات ومواقف عديدة تؤكد وجود قرار أمريكي بالانسحاب من سورية فور تولي إدارة ترامب مسؤولياتها.
أبرز هذه التصريحات، جاءت من روبرت كينيدي جونيور، وهو أحد المقربين من ترامب، والمتوقع أن يكون أحد أهم المسؤولين الأساسيين، في إدارته الجديدة، عندما قال، وهو يعلق على الانتخابات الأمريكية، بأن "ترامب يريد سحب القوات الأمريكية من سورية".
وأوضح كينيدي أن ترامب أعرب عن نواياه هذه، أثناء رحلة في الطائرة، وقال: "كنا نتحدث عن الشرق الأوسط، وأخذ ترامب ورقة، ورسم عليها خريطة لدول الشرق الأوسط، وهو ما لم يتمكن معظم الأمريكيين من فعله، وكان ترامب ينظر بشكل خاص، إلى الحدود بين سورية وتركيا، وقال لدينا خمسمائة جندي، على الحدود بين سورية وتركيا، ومعسكر صغير يتعرض للقصف".
وتابع كينيدي، أن ترامب أبلغه بوجود 750 ألف جندي في تركيا، و250 ألفا في سورية، وإذا واجهوا بعضهم، فإننا سنكون في الوسط، وسنصبح وقودا للمدافع، في حال اندلاع قتال بين الأطراف المتصارعة.
ثم ختم ترامب حديثه -بحسب كينيدي- قائلا: "أخرجوهم" في إشارة إلى القوات الأمريكية في سورية.
وزير الخارجية التركي حقان فيدان، أكد بدوره، أن أمريكا ستنسحب من منطقة شمال شرق سورية، وقاعدة التنف، مقابل مطالب من الحكومة السورية، تتعلق بالصحفي الأمريكي أوستن تايس، وأسرى أمريكيين في سورية.
الحديث عن الانسحاب الأمريكي من سورية، تعزز مع كشف فريق ترامب، عن خارطة طريق أمريكية روسية، حول سورية وأوكرانيا، سيتم تطبيقها فور تولي إدارة ترامب مسؤولياتها، في العشرين من شهر يناير/ كانون الثاني 2025، وتتضمن هذه الخطة، في ما يتعلق بسورية (نص غير رسمي):
- انسحاب أمريكي من شمال شرق سورية، ومن قاعدة التنف، يقابله انسحاب إيران، والفصائل المحسوبة عليها، من المنطقة المقابلة، لمناطق التواجد الأمريكي، بحيث تخلو المنطقة من الجانبين.
- يقوم الجيش السوري، بالانتشار على الحدود السورية التركية.
- ضمان أمريكي بألا تقوم تركيا بشن هجمات على "قسد" في الفترة التي ستلي الانسحاب الأمريكي.
- ترعى روسيا عملية مصالحة بين الدولة السورية و"قسد"، وتنظيم عودة "قسد" إلى الدولة السورية.
وفي ما يتعلق بأوكرانيا:
- تتوقف أوكرانيا عن المطالبة بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وحلف الناتو، لمدة عشرين عاما.
- يتوقف حلف الناتو، عن خططه لنشر قواعد ورادارات، وأي منشآت عسكرية، على الحدود الروسية، لمدة عشرين عاما.
- يتم الاعتراف بالحدود الجديدة لروسيا (والتي تعني الأراضي التي سيطرت عليها في أوكرانيا) وتنشأ منطقة منزوعة السلاح بين البلدين، وتراقب هذه المنطقة دوليا، برعاية الأمم المتحدة، ودول صديقة للطرفين.
ما يعطي الكلام الأمريكي، عن الانسحاب من سورية، قدراً كبيراً من الجدية، أنه لم يأت من فراغ، وإنما موجود في خطط ترامب، منذ ولايته السابقة، حيث كان قد أعلن في 19 كانون الأول، من العام 2018، أنه سيسحب قواته من سورية، معتبرا أنها حققت هدفها، بإلحاق الهزيمة بتنظيم داعش، لكن قرار ترامب، لقي في حينه معارضة، من جهات فاعلة في إدارته، ومن اللوبي الصهيوني، وقام وزير الدفاع الأمريكي في حينه، جيمس ماتيس، بتقديم استقالته من منصبه.
كما تدخلت السعودية وقطر، بكل ما تمتلكان من قوة وتأثير، لوقف قرار ترامب، مما أدى في النهاية، إلى تراجعه عن قراره.
وكانت القيادة السورية، وإدارة ترامب، قد توصلتا، بوساطة من اللواء عباس إبراهيم، مدير عام الأمن العام اللبناني السابق، إلى اتفاق شبه نهائي، حول الانسحاب الأمريكي من سورية، مقابل الإفراج عن ضابط الاستخبارات الأمريكي (تقول الإدارة الأمريكية إنه صحفي) أوستن تايس، وأسرى أمريكيين آخرين، لكن هذا الاتفاق، توقف بسبب ما أعلن عنه ترامب في حينه، بأنه أمر باغتيال الرئيس بشار الأسد، قبل أن يتراجع عن قراره، مما جعل القيادة السورية، تقرر وقف الاتصالات مع إدارة ترامب.
وفي العام 2020، توصل ترامب والرئيس الروسي بوتين، إلى اتفاقات، تنص على انسحاب أمريكي من سورية، كان سيتم تنفيذها في العام 2021، لكنها لم تنفذ، بسبب هزيمة ترامب في الانتخابات الرئاسية الماضية، والخطة التي تم الكشف عنها اليوم، ليست سوى عودة إلى تلك الاتفاقات، مع مراعاة التطورات الجديدة، التي حدثت في الميدانين السوري والأوكراني.
وما يساعد على تنفيذ الخطة، أن الظروف الإقليمية والدولية موائمة، بشكل كبير، فبالإضافة إلى موسكو وواشنطن، تحظى الخطة بدعم تركي وعربي (وإن على مضض).
كما أنها تأتي مواكبة للانفتاح الأوروبي على سورية، مع تعيين مبعوث أوروبي جديد في دمشق، لتنظيم عودة العلاقات، وقرب عودة العلاقات الدبلوماسية، بين سورية، والعديد من الدول الأوروبية.
كما أن التطورات الميدانية، في فلسطين المحتلة ولبنان، وتعرض المواقع الأمريكية في سورية، لضربات متلاحقة، تعزز مخاوف ترامب من تعرضها لهجمات قوية ومؤثرة.
مما يعطي جدية للموقف الأمريكي، الدعوة السريعة لعقد اجتماع لدول مسار أستانا حول سورية، التي تضم روسيا وتركيا وإيران في (11-12 الشهر الجاري) لبحث هذه التطورات.
الملفت أن تركيا تمنت حضور سورية الاجتماع، لكن الموقف السوري الواضح يقول لا جلوس مع تركيا، قبل إقرار الانسحاب من سورية.
مع هذه التطورات، بات من شبه المؤكد، أن قرار ترامب الانسحاب من سورية جدي، وسيكون من أولى الخطوات التي ستتخذها إدارته، فور توليها العمل في البيت الأبيض، وأن هذا الانسحاب، سيأتي وفق الخطة الأمريكية الروسية، والاتفاق السوري الأمريكي، في العام 2019، كما سيليه تسارع في تطبيع العلاقات بين سورية وتركيا، وتفاهمات سورية روسية إيرانية، حول تنظيم التواجد الروسي والإيراني في سورية.
المصدر أحمد رفعت يوسف
زيارة جميع مقالات: أحمد رفعت يوسف