أحمد رفعت يوسف

دمشق أحمد رفعت يوسف / لا ميديا -
كما توقعنا في مقالنا السابق، فقد شكل موضوع إطلاق سراح القيادي في حركة فتح، مروان البرغوثي، وأمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أحمد سعادات، إرباكاً كبيراً للكيان الصهيوني وللسلطة الفلسطينية، وشغل الحيز الأكبر من اهتمامات المتفاوضين، حول إتمام صفقات التبادل بين المقاومة الفلسطينية، وسلطات الاحتلال الصهيوني.
كما استحوذت قضية البرغوثي وسعادات على الاهتمام الأوسع في اجتماعات قادة أجهزة الاستخبارات في الولايات المتحدة والكيان الصهيوني ومصر ورئيس الوزراء القطري، وبحضور مندوبين غير معلن عنهم، منهم القيادي الفتحاوي محمد دحلان، المؤيد لسياسة التعاون مع سلطات الكيان الصهيوني، وخاصة في المجال الأمني، ويتم طرحه من قبل الكيان الصهيوني لخلافة محمود عباس.
وكما توقعنا أيضاً، فإن قضية البرغوثي وسعادات تتجاوز كثيراً المسألة الشخصية لتشكل قضية صعبة في معادلة الصراع في فلسطين المحتلة.
وعلمت "لا" من مصادر فلسطينية أن قيادة المقاومة عرضت إطلاق سراح أربعة أسرى "إسرائيليين" مقابل إطلاق سراح البرغوثي، فيما كانت المعادلة، التي سارت خلال أيام التهدئة، إطلاق سراح ثلاثة أسرى فلسطينيين مقابل كل محتجز مدني، وهو ما زاد من إشكالية البرغوثي.
الإشكالية الأكبر في موضوع البرغوثي أنه قائد بارز في حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية، وهو من الجناح المقاوم في فتح، ومعارض لاتفاقيات أوسلو، ولسلطة محمود عباس، وله شعبية كبيرة في الشارع الفلسطيني عموما، وبالتالي هو يشكل ضرورة مهمة للمقاومة، بينما يشكل خطرا وإشكالية كبيرة وخطيرة على الكيان الصهيوني، وعلى الرعاة الإقليميين والدوليين، لما يجري في فلسطين المحتلة.
فكيان الاحتلال، الذي يبذل كل ما يمكنه من جهود لمنع انتقال الأوضاع في غزة إلى الضفة الغربية، ولمنع تصعيد المقاومة فيها، يدرك أن البرغوثي هو الأكثر قدرة على قيادة المقاومة، وتوحيد صفوفها في الضفة، وأنه سيتحول فور إطلاق سراحه إلى قائد للمقاومة فيها، وأن إطلاق سراح سعادات معه سيجعل المقاومة أقوى، وسيزيد احتمالات تصعيدها.
أما رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، فهو يدرك أن إطلاق سراح البرغوثي سيعني تهديدا لسلطته؛ لأن البرغوثي قادر على سحب معظم قيادات وكوادر فتح، وخاصة في الأجهزة الأمنية، وتشكيلات المقاومة في فتح، وقادر على تفريغ السلطة، حتى من مبرر وجودها.
وتسربت من كواليس اجتماعات الدوحة تقارير مصرية تؤكد أن محمود عباس تدخل بشكل مباشر مع المجتمعين، لمحاولة منع إطلاق سراح البرغوثي.
كما يُفشل إطلاق سراح البرغوثي محاولات الكيان الصهيوني، والسلطة الفلسطينية، ورعاتهما الإقليميين والدوليين، إحلال محمد دحلان على رأس السلطة، في حال غياب عباس، بالموت أو بالعجز، وهو الذي يبلغ من العمر 88 عاماً وانتهت ولايته دستورياً في 9 كانون الثاني/ يناير 2009.يشار هنا إلى أن ما يقوم به عباس تجاه البرغوثي قام به ياسر عرفات، وبشراكة مع سلطات الكيان الصهيوني، وكان السبب الرئيس لاعتقالـــه ووضعــــه فـــي السجن، وبقي عرفات على موقفه هذا طيلة فترة قيادته وحتى وفاته، وكان يتدخل شخصيا لمنع إطلاق سراحه، لإدراكه أنه يشكل تهديدا له في الشارع الفلسطيني، المعارض بأغلبيته للسلطة، ولاتفاقيات أوسلو.
كما علمت "لا" من مصادر فلسطينية أن قضية البرغوثي وسعادات هيمنت على اجتماعات الدوحة، في محاولة لإيجاد حل لهذه المعضلة، وكيفية التعامل معهما وهما خارج السجن، ومع المعادلة التي تتشكل في الضفة الغربية، وعموم فلسطين المحتلة، بوجودهما.
وأضافت المصادر أن المجتمعين في الدوحة حاولوا تقديم اقتراحات لاحتوائهما شخصيا، وخاصة البرغوثي، عبر وضعه تحت قيادة السلطة، وتكليف محمد دحلان، مرشح الكيان الصهيوني وأمريكا وبعض الأنظمة العربية، لخلافة عباس، بدور في الشؤون الأمنية والسياسية، في محاولة لتهمش دور البرغوثي بعد تحريره.
المصادر الفلسطينية أكدت أن مهمة المجتمعين في الدوحة لن تنجح في محاولاتها إقصاء أو تهميش البرغوثي، خاصة وأنه يمتلك تأييداً واسعاً في صفوف فتح، وتحديداً الجناح المقاوم فيها، وفي الشارع الفلسطيني عموماً، وفي الضفة الغربية خصوصاً.
كما أن المقاومة الفلسطينية في غزة تصر على الإفراج عن البرغوثي، للعمل معها، وليكون قائداً للمقاومة في الضفة الغربية، وهو ما ينطبق على سعادات أيضاً.
كما تحدثت معلومات أيضاً عن توجه حركة حماس ليكون البرغوثي مرشحها -من خارج الحركة- في الضفة الغربية، وفي أي ترتيبات يتم العمل عليها، لتنظيم عمل السلطة الفلسطينية، بناء على المعادلات الجديدة، التي فرضتها عملية "طوفان الأقصى".

أترك تعليقاً

التعليقات