أحمد رفعت يوسف

أحمد رفعت يوسف / لا ميديا -
المواجهة مع العدو الصهيوني، دخلت مرحلة جديدة، أبرز ما فيها، أن المقاومة اللبنانية، بدأت تستعيد قوتها، وقدرتها على الإمساك بزمام الميدان، وتعد بمفاجآت شبه يومية.
حتى تتضح الصورة على حقيقتها، لا بد لنا من تجاوز الصورة، التي يحاول فيها إعلام العدو، وإعلام التطبيع، وخاصة السعودي، ترويجها عن مجريات الميدان، لأنها خادعة، وغير صحيحة، ولا تنقل سوى جزء بسيط مما يحدث، في الداخل «الإسرائيلي»، ومحاولة نقل صورة أقرب إلى الواقع الذي بات الإعلام العبري أكثر من يتحدث عنه، وهذا الواقع الميدان يقول:
- المقاومة انتقلت الآن إلى مرحلة جديدة، وهي قصف العمق الإسرائيلي، وتحديدا حيفا و«تل أبيب»، إضافة إلى العمليات التي باتت تطال المنشآت الحيوية، ومقرات القيادات، ومراكز التدريب، والصناعات العسكرية، والتي وصلت إلى مقر وزارة الدفاع، ورئاسة الأركان.
- «إسرائيل» عاجزة عن تنفيذ أي دخول بري، في جنوب لبنان، وكل محاولاتها لا تفشل فقط، وإنما تدفع الثمن غاليا، في الأرواح والمعدات.
- قيادة الكيان، ارتكبت خطأ كبيرا، باستهلاك أهدافها الاستراتيجية بسرعة، من خلال محاولتها استخدام أسلوب الصدمة والترويع، بهدف إحداث انهيار عند المقاومة، وفرض الاستسلام عليها، لكن المقاومة تمكنت بسرعة من تلقي الصدمة، والخروج منها وترميم صفوفها، وبدأت باستعادة زمام المبادرة، وأمامها كم كبير من الأهداف الاستراتيجية، التي توجع العدو.
- المقاومة الفلسطينية، استعادت جزءا كبيراً من حيويتها، وبدأت تنفذ ضربات لقوات الاحتلال، المتوغلة في القطاع، أكثر من ذي قبل.
- «إسرائيل» تحاول التعويض بضرب المدنيين، وتدمير الأبنية، ومنشآت البنية التحتية.
- حكومة العدو، تحاول فرض ستار حديدي على خسائرها، وتفرض رقابة، حتى على مراسلي وسائل الإعلام الأجنبية، وتطلب منهم استخدام عبارات محددة، وهي لا تعلن إلا القليل مما يقع، لكن الحقيقة أن الخسائر فادحة بالأرواح والمعدات، وبدأت هذه الرقابة تتفلت، مع ارتفاع الخسائر، وارتفاع الأصوات داخل المجتمع «الإسرائيلي».
التطورات الجديدة، سيكون لها تأثير كبير جداً، على مجريات الصراع، لأنها تسقط بشكل نهائي، نظرية الأمن «الإسرائيلي»، بعدما أصبحت مستوطنات الشمال والجنوب غير آمنة، ومعظم سكانها مهجرين، واليوم باتت المقاومة تضرب منطقة الوسط، الحيوي سياسيا واقتصاديا، وهذا يعني أن ما من منطقة باتت آمنة داخل الكيان، خاصة وأن عمليات المقاومة، لن تتوقف عند هذا الحد، وهي في تصعيد مستمر.
هذا الوضع له تأثير كبير في عمق الوعي عند «المجتمع الإسرائيلي» لأنه يفقده الشعور بالأمن، الذي يشكل إضافة إلى الاقتصاد الحيوي، ركني الكيان الصهيوني، كما يفقدهم الثقة بقيادتهم السياسية والعسكرية، لأن ضربة تل أبيب المؤلمة، جاءت بعد ساعات قليلة من تصريح نتنياهو بأنه دمر ثمانين بالمائة من قوة حزب الله، وبعد تصريح مماثل لوزير حربه، وقوله بأن «إسرائيل» انتصرت في هذه المواجهة.
هذا الفشل الميداني، يحرم حكومة الاحتلال من تحقيق إنجاز يصرفه على طاولة المفاوضات، وهو ما بدا واضحاً من خلال زيارات المبعوث الأمريكي عاموس هوكشتاين، للبحث في وقف القتال، والتي بدأت بسقف عال جدا، مبني على الضربات المؤلمة، التي نجحت «إسرائيل» بتوجيهها إلى المقاومة، منذ عملية أجهزة البيجر، واغتيال القادة، وفي مقدمتهم السيد حسن نصر الله، والتي حاولت خلالها فرض شروط تعني استسلام المقاومة، وفرض وصاية على الدولة اللبنانية، لكن مع كل نجاح ميداني للمقاومة، كانت تترجم في المفاوضات، النزول درجة، ومن المؤكد أن زيارة هوكشتاين الحالية لبيروت، ستحمل تنازلات أكبر، وأن صوته سيكون بعد عملية «تل أبيب»، منخفضا حتى أكثر مما كان يريد قوله، عندما غادر واشنطن، متوجهاً إلى بيروت.
هذه التطورات ستجعل الأوضاع تزداد تعقيدا وتشابكا وخاصة من الجانب «الإسرائيلي»، لأن حكومة نتنياهو ترى نفسها عالقة بين عجزها عن القبول بوقف للقتال لا يلبي شروطها وعاجزة أيضاً عن فرض واقع ميداني يصرف على طاولة المفاوضات ويؤمن فرض هذه الشروط.
هذا يعني أننا مقبلون على تصعيد أكبر، سنرى فيه المزيد من الجنون والتوحش «الإسرائيلي» لضرب المدنيين، ومنشآت البنية التحتية في لبنان، وقطاع غزة، وقد نشهد هذه المرة، اعتداءات حتى على المناطق التي لا تؤيد المقاومة، بهدف تحقيق المزيد من الضغوط على قيادة المقاومة، ورئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، الذي يقود عملية التفاوض، وعلى الحكومة اللبنانية، للقبول بالشروط «الإسرائيلية» لوقف القتال، وسيقابل ذلك زيادة في ضربات المقاومة، ومحاولة تنفيذ ضربات موجعة، على غرار ضربات «تل أبيب» وحيفا، تحقيقاً لمعادلة حيفا مقابل الضاحية، و»تل أبيب» مقابل بيروت، وقد نرى هذه المرة، دخول معادلة جديدة تقول القدس الغربية مقابل توسيع العدوان «الإسرائيلي» وهذا يعني أن القتال مستمر، والأوضاع ستبقى مفتوحة على كل الاحتمالات، وفي هذا ترتفع أصوات النخب السياسية والعسكرية «الإسرائيلية» التي تحذر بأن ما يمكن تحقيقه اليوم، قد لا يكون متاحا غدا.
أما السؤال الأكبر، الذي بات يطرح اليوم، فهو كيف لحكومة نتنياهو، العاجزة عن حماية «تل أبيب»، ووزارة حربها، وعن التثبت في قرية لبنانية واحدة، أن تغير المنطقة، وتعيد تركيب خرائطها؟

أترك تعليقاً

التعليقات