«الإرهاب» وسام شرف
 

محمد الوهباني

محمد الوهباني / لا ميديا -
لا شك أن سفك الدماء ومحاولات التهجير القسري واقتلاع شعب والتنكيل به منذ سبعين عاماً هو عمل إرهابي بامتياز، وأن ذروة ذلك العمل الإرهابي هو هدم المنازل والمستشفيات والمدارس على رؤوس ساكنيها٬ ولعل الأكثر إرهاباً هو الصمت الدولي، بل والتعري الغربي والوقوف بجانب التوحش الإرهابي للكيان المحتل.
يدرك الجميع أن الإرهاب كفعل لا دين له ولا وطن؛ إلا أن له تعريفات متعددة. ولا يوجد إجماع على تعريف مصطلح «الإرهاب»، يأتي ذلك نتيجة لأن المصطلح مشحون عاطفياً وسياسياً، وربما يعود لاختلاف استخدام اللفظ لأغراض سياسية وأجندة مغايرة؛ إلا أن النقاط المشتركة للتعاريف المتعددة تشير إلى أن «الإرهاب» هو تلك الأفعال العنيفة، والتصفيات الجسدية، والاستهداف المتعمد لحياة فئة أو جماعة أو شعب معين.
والإرهاب هو فعل خارج نطاق القيم والأعراف وتعاليم السماء في مختلف الديانات والتشريعات والقوانين البشرية. وهو أنواع عديدة، إلا أنها جميعها تؤدي إلى نتيجة واحدة، هي انتهاك حقوق وعرض الإنسان وسفك دمه، وأبشع صوره هو استغلال سادية هذه الجماعات المتلذذة بالدم، والقتل لأغراض سياسية وتوظيف العمل الإرهابي لخدمة أيديولوجية معينة. والأكثر بشاعة أن دولاً تدعي قيم الحرية شعارات زائفة بينما هي تصنع جماعات تمارس القتل منذ سبعينيات القرن الماضي، وإدارة الحرب الباردة بحرب استنزاف للاتحاد السوفييتي سابقاً في أفغانستان عبر جماعات تقوم بوظيفة القتل نيابة عن الولايات المتحدة، في مشهد تكرر كثيرا في المشروع الغربي المتناقض بين ما يدعيه من حرية وديمقراطية، وما يمارسه من فعل إرهابي داعم لكل عصابات القتل التي صنعها من كابول حتى «تل أبيب».
صار الجميع يدرك أن الإرهاب هو صناعة غربية، تمويلاً وتخطيطاً، جماعات أو دولاً، فمثلما صنعت الولايات المتحدة تنظيم «القاعدة» في أفغانستان و«داعش» في العراق وسورية، هي ذاتها أوجدت الكيان الصهيوني، الذي يمارس الفعل الإرهابي بأبشع صوره في العصر الحديث، ولا نحتاج لتصريح بايدن الذي قال فيه إنه إذا لم توجد «إسرائيل» فإنهم مستعدون لإيجادها من العدم، كدليل، لحاجتهم إلى قفاز يمارسون به اضطهاد العالم، وسفك قيم الحرية التي ينادون بها وذبح الحقوق التي يدعون أنهم حماتها.
إن إرهاب الدولة الذي يمارسه الكيان المحتل ليس أبشع مما تمارسه الولايات المتحدة، التي دأبت على استخدام هذا اللفظ «الإرهاب» لوصم كثير من الأعمال المعادية لها، بل ولتبرير شن حروب ضد دول لا تمثل أي خطر على الإنسانية ولا تشكل أي تهديد حقيقي لكرامة البشر، بل من أجل تحقيق أهداف غير معلنة لا تتفق مع المبادئ الإنسانية.
فإذا كانت مقاومة المحتل وتحرير الأوطان إرهاباً، فإن كل أحرار العالم عبر التاريخ «إرهابيون». وإذا كان الوقوف بجانب الإنسان الذي تنتهك كرامته ويستباح عرضه، والوقوف ضد الاحتلال الذي يهدم المنازل والمستشفيات والمدارس ويقتل عشرات الآلاف، إرهاباً، وإذا كان الوقوف بوجه كل هذا الاستكبار الغربي اليهودي إرهاباً، فحينها يصير لفظ الإرهاب وسام شرف.

أترك تعليقاً

التعليقات