تعري وانكشاف الأنظمة العربية
 

محمد الوهباني

محمد الوهباني / لا ميديا -
منذ زمن بعيد اعتاد العربي -كنظام وحزب سياسي- الوقوف بجانب الفلسطيني بالكلام فقط، دون أفعال. وحين أتى من يترجم تلك المواقف إلى أفعال لإرساء قواعد اشتباك وخطوط حمراء أُصيبت تلك الأنظمة والأحزاب بالذهول؛ إما خائفين أو مندهشين أو غير واعين، والبعض يعاني غيظاً وحقداً وكراهية للفعل؛ لأنه يسحب من تحت الأقدام البساط ويسقط القناع كحالة انكشاف وتعرٍّ للكثير من الأنظمة الدولية المدعية الحرية والحقوق التي انهارت مع انهيار المباني في غزة الصمود، ومعها الأنظمة العربية.
إن حالات التعري والانكشاف للأنظمة العربية، وعجزها عن الفعل وعدم القدرة على مغادرة مربع الشجب والاستنكار، دليل على أنها لم تعد تمثل شعوبها، فما بين الشعوب وقادتها بون شاسع ومسافة كبيرة، وذلك بسبب تناقضهم مع قضايا شعوبهم وأحلامها؛ لأنهم لا يملكون مشروعا ورؤية واضحة لما يجب أن يكون، وإن تغنوا بمشاريعهم الخاصة التي نسمع جعجعتها ولا نرى طحينها، ولا قضية لهم سوى البقاء أطول فترة زمنية ممكنة في كرسي الحكم، وانتفاخ أرصدتهم غير المشروعة في بنوك الغرب.
وهناك تعرٍّ أكثر وقاحة لأحزاب سياسية يمنية غادرت هويتها كقوى قومية ويسارية وإسلاموية، كانت تتغنى بوقوفها إلى جانب القضية الفلسطينية ببرامجها الإعلامية؛ لكنها اليوم تقف ضد عمليات القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر وإغلاقه أمام سفن الكيان الصهيوني.
هذه الأحزاب مثال لتناقض السلوك وضبابية الرؤية وانتهازية الموقف، وضعف وفشل مشبوه، وشبه واضح بينها وبين أنظمة عربية تجيد الكلام والشجب للاستهلاك الإعلامي مثل قنوات «يمن شباب» و»بلقيس» و»سهيل» و»اليمن اليوم» الموجودة في الخارج، أمثلة لتلك المواقف الغامضة والمتناقضة بين ادعاء الوقوف مع فلسطين وتناولها الإعلامي الفاضح ضد العمليات اليمنية في البحر الأحمر، فهم يدعون أنهم مع فلسطين؛ لكنهم ضد قصف الكيان الصهيوني بالصواريخ والمسيرات اليمنية. إنه التناقض الفج بين القول والفعل، وهم يدركون أن القادرين على تحويل الكلام إلى أفعال هم وحدهم الأقرب إلى الشعب والأمة.
يقف معظم اليمنيين في اصطفاف وطني وقومي وديني إيمانا بالموقف الشجاع لأبطال اليمن وقدرتهم على الترصد لسفينة صهيونية في عرض البحر وإطلاق صاروخ أو طائرة مسيرة أعلنت حضورها المقاوم في «إيلات».
يقف اليمني شامخا خلف الموقف الفعل كانعكاس لمشاعر أمة، وترجمة فعلية لأحلام وطموحات شعب وأمة صارت تدرك أن ما بعد الطوفان اليمني براً وبحراً ليس كما قبله.

أترك تعليقاً

التعليقات