لحنٌ نشاز في سمفونية الوطن
 

محمد الوهباني

الانتماء والارتماء تشابه بالحروف لطرفي نقيض يشكلان حالة من تناقض يستهلك طرفي صراع مشتعل ببارود ونار وحالة انقسام داخلي مقيت. وليس الفرق مجرد حرفي النون والراء، بل بون شاسع بين قمة من صمود متقدة باليقين والنصر، وبين حفرة ممتلئة بالذل والانكسار واللاثقة بالنفس. الانتماء ضمير حي ينشد الوفاء منهاجا وطريقاً، والارتماء عند أقدام الآخر مدرسة خنوع وخضوع وسقوط عند أقدام الآخر ذلا وحقارة مهما كانت المبرارت الهشة التي يلهث وراءها البعض محاولين إقناع أنفسهم ومن ثم الآخر بضرورة الارتماء في أحضان خصوم يسوِّقون أنفسهم كمنقذ لايدري ذو عقل من ينقذ من!
 ولايزال البعض يدور في فلك من تخبط وتناقض وهو يبرر لعدوان لا أحاجي للبعض تبرر وقوفهم ضد بلدهم سوى أن مواقفهم تتماهى مع مصالح ضيقة ولهاث وراء أوراق المال النتنة بالعقال. إنهم ليسوا سوى تلفونات شوارع مهمتها استقبال الدنانير في فيلم أكشن مرعب لنظام عائلي ملكي مستبد كان يتحين الفرصة منذ زمن بعيد، وهو من حاول أن يئد الثورة الأم ذات عمر بسبعين يوماً من الحصار الفاشل، ولم تتوقف متتاليات فشله الذريع عند هذا الحد، بل عمل على تمزيق اليمن مرة أخرى بعد أن شفي من ثقوب الحرب الباردة بين قطبي العالم. وموقف الجوار المشبوه مع الانفصال محطة أخرى. الأكثر غرابةً ليس أطماع الآخر فينا، إنما ما يبعث على التقزز والتقيؤ هو هذا النفر من أبناء الداخل المرتمي عند أقدام البذخ المترف باللاشيء، والدمية في مشروع دولي يحدد بوصلة الاتجاه بما يتوافق مع مصالحه المتناقضة مع مصالح ليس بلدنا فقط، بل وأمتنا العربية والإسلامية.
 كيف يُخيل لمثل هؤلاء أنهم قادرون على إقناع الآخر بالاصطفاف معهم ضد بلدهم، وهم يدركون سلفاً أنهم مجرد لحن نشاز في سمفونية وطنية تعزف الانتصارات لحناً يمنياً بامتياز وزوامل مكابرة؟!

أترك تعليقاً

التعليقات