الهدف هو الانتصار
 

محمد الوهباني

محمد الوهباني / لا ميديا -
الحرية هي حرب من أجل العيش بكرامة وعزة، وهي السلام نتيجة لتوازن ردع ومعايير قوة، وهي مقادير يصنع معالمها البشر بقوانين الأرض كي توافق قضاء السماء.
الحرية هي التناغم بين السلطة والحلم على إيقاع المقاومة لكل أشكال الاستكبار، والوقوف بجانب مظلوميات الشعوب دون التفكير بأي ثمن يمكن أن يكون قيمة للموقف.
وحدها القيادة الثورية اليمنية تعمل وفق "وأعدوا لهم..."، و"إن تنصروا الله ينصركم...".
كل قيادة ترى الوضع من زاوية معينة، الأكثر ارتفاعاً وارتقاءً هي التي تكون رؤيتها أكثر وضوحاً؛ لأنها الأبعد عن الأنانية والأقرب للحق، والتي تقف مع المقاومة في خندق واحد ولهدف ومصير واحد. حينها تصير هذه القيادة رقماً حقيقياً في معادلات إقليمية ودولية كقوة ردع في وجه المستكبرين، وتكريس منطق أن تحالفات الاستكبار يقابلها تحالفات الحق في معادلة أوجدتها ساحات محور مقاوم للعنجهية والاستكبار.
حرب غزة صراع إرادات، ونتيجة الحرب معلقة بالهدف السياسي الذي دارت من أجله المعارك، وأحياناً ينتصر طرف عسكرياً ولا يصل إلى هدفه كاملاً، كما  حدث عام 1973، حيث انتصرت مصر ولم تفرض شروطها السياسية، فكان ذلك نصف انتصار ونصف هزيمة؛ لأن تحقيق الهدف من الحرب هو الانتصار الحقيقي. ولعل القارئ لحروب سابقة يدرك جيداً كيف تحقق الانتصارات العسكرية أهدافها السياسية بوضوح، وتحقيقها هو ما يحدد المنتصر.
منذ البدايات الأولى لـ"طوفان الأقصى" كانت المقاومة واضحة في تحديد أهدافها، وأحدها تحرير الأسری الفلسطينيين في سجون الاحتلال كهدف مشروع سياسياً وأخلاقياً. وانبثق من بين غبار المعارك هدف آخر وهو إعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة العالمية سياسياً وإعلامياً، بينما ذهب الاحتلال بعيداً في هدفه من الحرب متوهما قدرته القضاء على المقاومة، وبدأت قنواته منذ اللحظات الأولى للحرب تناقش الوضع في غزة بعد الحرب، ومن سيكون البديل. كان ذلك تهوراً إعلامياً وقفزاً على حقائق الميدان العسكري وعجزاً آخر عن تقدير الأمور ومعرفة قوة الخصم.
الكثير من الأنظمة وضعت حساباتها على أن الاحتلال هو الطرف الذي سينتصر، وتعاملوا مع الحرب بمنطق ما يريدون باعتبارهم أدوات في مشروع الاستكبار. وأنظمة لا تتعدى أصابع اليد سارت عكس التيار، إيماناً منها بأن الإرادات هي التي تصنع النصر وبمعايير السماء "كم من فئة قليلة…"، استناداً إلى عدالة قضيتها ووقوفا مع مظلومية شعب عربي مسلم، فكان اليمني كقيادة ثورية ودولة واصطفاف شعبي منذ اللحظة الأولى هو الأكثر جرأة ووضوحاً. إلا أن الكثير كان يرى ذلك استهلاكاً إعلامياً؛ لكن الخطوات المتسارعة والثابتة صنعت منطقاً مختلفاً وقناعات مغايرة، حيث زاد الاصطفاف اليمني والعربي والإسلامي الشعبي وراء ذلك الموقف، بل استطاع الموقف السياسي الصلب والخطوات العسكرية وضع معادلة بحرية وجوية ضاغطة ومساندة، بل وأساسية في صراع صار واضحاً أن المقاومة هي الأقرب إلى تحقيق أهدافها فيه، بينما الاحتلال هو الأبعد عن هدفه والأقرب إلى الهزيمة.

أترك تعليقاً

التعليقات