فخ الاعتراف الغربي بالدولة الفلسطينية!
- فهد شاكر أبو راس الأربعاء , 30 يـولـيـو , 2025 الساعة 1:08:05 AM
- 0 تعليقات
فهد شاكر أبوراس / لا ميديا -
إن مجرد الحديث العربي عن حاجة فلسطين إلى اعتراف غربي أو اعتراف عالمي يُعد في حقيقة الأمر انزلاقاً خطيراً نحو تبني منطق المستعمر ومفرداته المشوهة للحقيقة الثابتة.
الدولة الفلسطينية ليست كياناً ناشئاً يبحث له عن شرعية ممهورة بقرارات دبلوماسية في عواصم غربية لطالما كانت ولا تزال شريكة في جريمة اغتصاب فلسطين وتشريد شعبها.
إن أرض فلسطين عربية، ونسيجها الاجتماعي والثقافي ظل عربياً عبر آلاف السنين، وسيظل كذلك حتى قيام الساعة. وقيام دولة فلسطينية ذات سيادة على كامل ترابها الوطني هو حق طبيعي غير قابل للتصرف، ونابع من شرعية الوجود المتواصل لشعبها، وليس هبة تمنحها قوى غربية كانت ولا تزال محركاً أساسياً لمأساة الشعب الفلسطيني، من «وعد بلفور» المشؤوم إلى التغطية السياسية والعسكرية للجرائم الصهيونية.
إن الاعتراف الغربي، مهما تعددت أصواته أو تأخر زمنه، لن يمنح فلسطين شرعية لم تفتقدها أصلاً، وهو في أحسن أحواله محاولة لغسل دماء الماضي العالقة بأيدي تلك الدول، وفي أسوأ حالاته استمرار اللعبة الاستعمارية بشكلها الجديد، بهدف تقييد الحق الفلسطيني ضمن حدود يحددها الغرب و»الكيان الصهيوني»، وليس الحق التاريخي.
إن الحقيقة المطلقة والمتجذرة التي يجب أن تعلن من على كل منبر، هي: «لا توجد دولة اسمها إسرائيل حتى يقبل العرب فكرة الاعتراف الغربي بدولة فلسطين مقابل اعترافهم بما تسمى إسرائيل» الكيان الغاصب الذي أقامته الحركة الصهيونية على أنقاض شعب طُرد من أرضه بقوة الإرهاب والقتل والتهجير الممنهج، وبدعم وتواطؤ مباشرين من الولايات المتحدة ودول الغرب.
لذلك فإن التصريحات الفرنسية بخصوص الاعتراف بدولة فلسطين ليست خطوة بريئة أو انقلاباً على المواقف الغربية أو خروجاً على الإجماع الغربي الداعم للصهيونية، بل خطوة مدروسة بعناية فائقة، في إطار اللعبة الأمريكية - الصهيونية الأوسع، وحلقة في سلسلة طويلة من المناورات الهادفة إلى «تأطير» الدول العربية في زنزانة «حل الدولتين».
إن الموقف الاستراتيجي العربي الثابت يجب أن يرفض فخ الاعتراف الغربي بوصفه منة غربية على الدول العربية أو انتصاراً للقضية الفلسطينية؛ فالشرعية الفلسطينية تستمد من دماء شهدائها المتواصلة والمستمرة على مدى عقود، ومن صمود شعبها في الداخل وفي الشتات، ومن التمسك بالرواية التاريخية والحق الثابت.
الانتصار الحقيقي للقضية الفلسطينية يكمن في نزع شرعية الكيان المغتصب من المحافل الدولية، وكشف طبيعته العنصرية الاستعمارية، ومقاضاة قادته كمجرمي حرب، ومقاطعته اقتصادياً ودبلوماسياً وسياسياً، والعمل على دعم صمود الشعب الفلسطيني على أرضه بكل الوسائل. أما الاعترافات الغربية المحدودة فلن توقف البلدوزرات الصهيونية عن هدم البيوت، ولن تعيد اللاجئين، ولن تحرر القدس، ولن تقضي على الأبارتهايد.
فلسطين بثباتها التاريخي وصمود شعبها ستظل أكبر من أن تحتاج إلى شهادة ميلاد من مستعمر، ووجودها يمثل تحدياً حقيقياً للصهيونية، وكل اعتراف غربي لا يرافقه إنهاء كامل للدعم السياسي والعسكري للكيان الصهيوني الغاصب، وضغط حقيقي لإنهاء احتلاله، وإجباره على احترام القانون الدولي، ليس سوى نفاق سياسي، ودعاية تهدف إلى تلميع صورة الغرب وتثبيت واقع المغتصب تحت تسمية جديدة.
المصدر فهد شاكر أبو راس
زيارة جميع مقالات: فهد شاكر أبو راس