هل هي ناعمة حقا؟!
 

عبدالملك سام

 عبدالملك سام / لا ميديا -

الحرب الناعمة، رغم خطورتها والتي تظهر حتى في اسمها الذي يتناقض مع طبيعتها وأثرها، إلا أن الكثيرين لا يزالون يجهلون مدى شراستها وتأثيرها. هي حرب أولاً وأخيراً، ولذا يجب على كل إنسان مستهدف بها أن يعي ضرورة أن يربحها. ولكي يتسنى له هذا يجب أن يفهمها أولا، فخطورة الجهل بها لا يقل خطورة عن نتائجها إذا ما تحققت بعض أو كل نتائجها، فالجهل خطير جدا، وربما أخطر شيء يمكن أن تفعله في مواجهة عدوك هو أن تجهله وتجهل أساليبه وأدواته!
لكي تفهمها يجب أولاً أن تعرف ما هي أهدافها، فمهما تنوعت أساليب العدوان فهناك نتائج يتوخاها العدو من وراء كل أسلوب يستخدمه، فمثلا عندما تعرف أن عدوك كافر ومجرم فأنت بالتأكيد ستعرف أن أي شيء يصل إليك عن طريقه ستكون خطورته بمستوى فجوره، والعكس صحيح، رغم أن الحذر واجب في كل الأحوال طبعاً، ما بالنا أيها الكرام ونحن نعرف مدى إجرام وحقد أعدائنا؟!
الحرب الناعمة اختراع يهودي صهيوني بامتياز، وهي حرب تستهدف النفوس، والهدف النهائي المرجو منها هو عندما يصل العدو إلينا لا يجد لدينا قدرة أو رغبة في مقاومته، وهذا لا يتأتى إلا بعد أن يكون قد تمكن من مسخ هويتنا وإفساد ثقافتنا وأخلاقنا، فعدونا يعرف أن ثقافتنا وهويتنا تستمد قوتها من دين عظيم قادر على جعلنا أعظم أمم الأرض إذا تمسكنا به ومشينا وفق منهاجه العظيم كما يجب، لذلك نرى خطورة الثقافات التي طرأت علينا حتى بتنا فريسة تتجاذبها باقي الأمم، فمن عقائد باطلة كـ"الوهابية" وأخواتها، وما ألحقته من أذى بفصل أجيال بأكملها عن روح الدين الحنيف، إلى ثقافات مغلوطة كالتحرر والانحلال والفساد، وكلها تحت عناوين براقة ما نزال ندفع ثمنها منذ قرون خلت عندما أخذ الناس ببعض المظاهر وتركوا الجوهر.
اليوم الشعوب العربية والإسلامية، وبعد قرون من التبعية العمياء لهذه الثقافات، وصلت إلى درجة أن الإسلام أصبح اسما فقط على البطاقة، بينما في واقعنا نجد أن المعاملات تتناقض تماما مع هذه الصفة، فنجد الرشوة والفساد والمشاكل الاجتماعية تنتشر بشكل كبير في أوساطنا. ولكن رغم هذا كله ما نزال نجد أملا يستمد ديمومته من قوة ديننا، وبين الفينة والأخرى نجد أن هناك صوتا للحق يصدح من جديد. ونحن بحاجة لأن نربح معركة الوعي أولاً لنعرف كيف نخرج من هذه الوضعية التي نعاني منها، وفي هذا الزمن نرى بأم أعيننا مدى التغير الكبير الذي حدث في مدة قصيرة نسبيا في بعض بلادنا الإسلامية، وما علينا سوى أن ننشر الوعي ونتحرك بصدق لنستطيع صد هذه الهجمة الشرسة التي تستهدفنا، ويكفي أن نعرف أن الله معنا إذا مشينا على طريق الحق والخير. والعاقبة للمتقين.

أترك تعليقاً

التعليقات