عبدالملك سام

عبدالملك سام / #لا_ميديا -

ما إن تشتد الأوضاع ويشعر بنو سعود بحرارة المعارك حتى يرسلوا لنا غريفيتث ليذكرنا بأنه مازال على قيد الحياة، حتى أننا بتنا نبتهج لمجيء هذا العجوز البريطاني، فقدومه يؤكد لنا أن المعارك في صالحنا. وهو لا يخجل البتة من قدومه صفر اليدين، لأنه يعرف أن من يحكم صنعاء هم قوم شرفاء لا يسيئون للضيف مهما كان القادم إلينا وغد عديم الفائدة.
يقول المثل: "الجواب باين من عنوانه". وقدوم غريفيتث جاء بعد فشل الهجوم الذي شنه المرتزقة على مواقع الجيش واللجان الشعبية في نهم، وهذا هو سبب قدومه، فالرجل أخذ على عاتقه أن يلعب دور البهلوان الذي يهدئ الجمهور ما بين الفقرات، وهو يعرف أن شعره الأبيض وعمره الكبير سيشفعان له عند هؤلاء القوم الكرماء فلا يتركونه يقف طويلا عند الباب أو يقومون بطرده!
هذا باختصار تلخيص الزيارة، فهذا المخادع البريطاني يعرف أن قيادة الثورة وحكومة صنعاء قد قالوا كل ما في جعبتهم: هناك اتفاق على الجميع الالتزام به! هو يعرف أن صنعاء نفذت كل ما التزمت به، بينما الرياض ومرتزقتها لم يلتزموا بشيء مما وعدوا به، كعادتهم التي يحسدهم عليها اليهود أنفسهم. كما أنه يعرف أنه كذاب أشر في كل إحاطاته لمجلس الأمن الدولي، وأن موظفيه ليسوا أفضل حالا منه فيما يخص تقاريرهم، لذلك فقدومه يعتبر رسالة وقحة تتعدى كل الحدود، ولكنه بريطاني كما نعرف، وهؤلاء القوم هم ملوك الوقاحة بلا منازع.
صنعاء خالفت كل التوقعات. وكعادتها تبتسم لكل من يأتي، بثقة أهلها بربهم وعدالة قضيتهم ونقاء سريرتهم.. سيد الثورة يستقبل غريفيتث ليكرر على مسمعه التزام القيادة بالعهود، ونكثها من طرف العدوان ومرتزقته للمرة الألف. هو يعرف ذلك، ولكنه يتظاهر للمرة الألف بأن ما يسمعه خبر صادم! ويؤكد أنه سيبذل جهده، على أن نساعده (نحن) بتهدئة الأمور حتى يستطيع أن يفعل شيئا! ألم أقل لكم إنهم ملوك الوقاحة دون منازع؟!
أما لقاؤه مع الرئيس المشاط فهو ما كان مختلفا هذه المرة، كونه صاحب مبادرة سلام. لقد ركز الرئيس المشاط على الجانب الإنساني، باعتبار هذا الدور هو المفترض على الأمم المتحدة أن تقوم به فعلا، وهذا الأمر يشير إلى أن دور المبعوث الأممي كوسيط قد انتهى، لأنه أثبت أنه وسيط غير نزيه. الرسالة واضحة كما أعتقد، فما دمتم فاشلين كوسطاء فعلى الأقل حاولوا أن تقوموا بدوركم الأساسي! هذه المنظمات تتلكأ عن القيام بدورها، والعدوان يخالف كل المواثيق الدولية، فما هو دوركم بالضبط؟!
طبعاً لم ينسَ الرئيس المشاط أن يلفت إلى مبادرته التي لم يفهم العدوان مغزاها والتي قد تنتهي طالما والطرف الآخر مصر على التمادي في عدوانه، وهذا ما أكده رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة، وهذا أيضا ما يقوله أي فرد من أبناء الشعب اليمني. لقد فعلنا ما بوسعنا لكي نرد النظام السعودي ومرتزقته عن غيهم، ولكن دون جدوى، وحاولنا أن نجعلهم يفهمون أننا نمد أيدينا لهم بالسلام ليس من باب الضعف وإنما من باب الإنسانية، ونحن نتمتع بالشجاعة والشرف والأخلاق لنفعل هذا بكل ثقة، كما أننا أيضا قادرون بفضل الله على أن نرد من لم يفهم إلى جادة الصواب.
الرسالة الأخيرة تكفي لو كان هؤلاء مازال لديهم شيء من الحكمة والمنطق، فليلتزموا بما وقعوا عليه وتعهدوا بتنفيذه وإلا فقد أعذر من أنذر. نحن قادرون -كما أثبتت السنوات الماضية- على الصمود والصبر في سبيل تحقيق استقلال غير منقوص لبلدنا. كما أن سيادة شعبنا على ثرواته وأرضه وقراراته ليست موضوعاً للمساومة. نحن شعب حر وأبي وعزيز وكريم، ومهما طالت المدة لكي يقتنع النظام السعودي وأذنابه بهذه الحقيقة فلا بد أن نجعلهم يفهمون ذلك، والأفضل لهم أن يفهموا هذا بسرعة قبل أن تبدأ مرحلة "الوجع الكبير" فهل وصلت الرسالة؟!

أترك تعليقاً

التعليقات