انبطاح لا تطبيع
 

عبدالملك سام

عبدالملك سام / لا ميديا -
تهرول الأنظمة العربية نحو ما يسمى التطبيع. وللأسف رغـم أن الأنظمــة المهرولــة مؤخراً هي ممن يلبسون العقال، إلا أنها اليوم تهرول نحو الكيان الصهيوني دون عقال! والمؤسف أن كلمة “تطبيع” التي تستخدمها هذه الأنظمة لتداري خيبتها عن شعوبها ليست معبرة فعلاً عما يجري؛ فالحقيقة أن ما يحدث اليوم هو انبطاح، وتوطئة لاستقبال الاحتلال بالأحضان، وقد قامت الأنظمة بدور القواد في هذه الصفقة المشبوهة.
التطبيع هو تعبير عن عودة العلاقات بين دولتين أو أكثر بعد زوال سبب المقاطعة، وهو أيضاً تعبير عن علاقات متكافئة بين طرفين متنازعين قررا أن تعود العلاقات فيما بينها لمصلحتهما. أما ما نشاهده اليوم لا يمكن أن يكون تطبيعا؛ فسبب القطيعة كما نرى لم يُحل بعد، بل ما حدث هو أن بعض الأنظمة قررت أن تتخلى -فجأة- عن قضية الأمة المركزية، وعن أمنها القومي، دون مقابل! كما أننا لا نرى أن لهذه الصفقة فوائد متكافئة للطرفين، فما هذه الصفقة الخاسرة التي قامت بها هذه الأنظمة؟!
ما قامت به هذه الأنظمة العميلة هو أنها فتحت أسواقها ومقدراتها للكيان الصهيوني لكي يبيع منتجاته فيها، وسمحت له أيضاً أن يجند العملاء دون حرج أو قلق، وقدمت له خدمات جليلة ليتمدد في المنطقة كما لم يحلم من قبل؛ فهذا الكيان الخبيث ومنذ نشأته لم يُخْفِ يوما حلمه بأن يحتل كل المنطقة. ورغم هذا رأينا هذه الأنظمة تقدم له كل هذه التنازلات دون أي مقابل!
هذه الصفقات المشبوهة تؤكد ما ذهب إليه البعض من اعتبار العائلات التي تحكم الشعوب العربية عائلات يهودية الأصل، وأن بريطانيا يوم وضعتها على سدة الحكم تعمدت ذلك لتسهل على الكيان الصهيوني فيما بعد السيطرة على هذه الدول ومقدراتها!!
هذه الأنظمة الخائنة قدمت كل شيء مقابل لا شيء. ومن المؤسف أن نرى الصهاينة اليوم لا يكلفون أنفسهم عناء إخفاء سخريتهم من هذه الأنظمة المنبطحة في تعليقاتهم، فهم يهللون لما يجري مندهشين من غباء وسقوط هذه الأنظمة.
لو اعتقدت أنظمة العمالة أن ما يحدث سيضر بالفلسطينيين فهي واهمة، بل على العكس، فهذا الأمر سينهي أي خلاف فلسطيني؛ فليس هناك شعب يقبل أن يعاني إلى ما لا نهاية. وكل من اعتقد أن أسلوب المفاوضات السابق سيؤدي إلى نتيجة سيصحو من الوهم، وهذه الصفقات ستظهر العدو من الصديق، وستؤدي أيضاً لاصطفاف الشعوب مع مشروع المقاومة، لتحافظ على مقدساتها ومصالحها. ومع الأيام ستظهر نتائج هذه الصفقات المخزية في الدول التي وافقت عليها، وكل من يطبل لهذه الصفقات اليوم سيجد ابنه مستقبلا يلعن غباء أبيه وسوء موقفه. والعاقبة للمتقين.

أترك تعليقاً

التعليقات