السفارة فـي الطيارة!
 

عبدالملك سام

عبدالملك سام / لا ميديا -
في العام 2000 تم عرض فيلم «قواعد الاشتباك»، الذي تم تصويره في المغرب، وحقق إيرادات تجاوزت 71 مليون دولار. وما يهمنا في الفيلم هو مشاهد صورت محاولة اقتحام السفارة الأمريكية في صنعاء، وكيف قام الجنود الأمريكيون بحماية السفارة وقتل المقتحمين، رغم أنهم لم يستخدموا كامل قوتهم وأسلحتهم!
كم مرة قلت لكم إن كل هذا مجرد تمثيل، وأن الخيال يبقى خيالا؟! الواقع أن هناك من ظل يعتقد أن هؤلاء الجنود المتأنقين كائنات أسطورية قادرة على إخراج النار من مؤخراتها! والحقيقة أن هذه الأفلام ليست سوى أداة للحرب الناعمة. ومن أهداف إنتاج هذه النوعية من الأفلام هو تضخيم قدرة الجنود الأمريكيين لتخويف الناس، وهذا ما فعلته أدوات أمريكية (كـ»القاعدة») لتضخيم قدراتها، وتسهيل هزيمة خصومها عبر الترهيب!
ما حدث في العام 2015 يؤكد أن الواقع يختلف تماما عن الخيال، ففي فجر الأربعاء 11 شباط/ فبراير 2015 قام السفير الأمريكي حينها، ماثيو تولر، بتسليم مفاتيح السفارة للموظفين اليمنيين هناك، وهرب مع 200 جندي مارينز بثلاثين سيارة مصفحة. والسبب كما صرح سعادته هو أنه لم يعد للأمريكيين أي مهمة في صنعاء!
مائتا جندي مارينز كانوا قادرين -حسب هوليوود- على احتلال مجرة «درب التبانة» دون أن يصاب أحد منهم بخدش، فما الذي يدفعهم للرحيل فجأة قبل أن يطلع النهار، بل وأن يكون هذا الفرار بحماية وضمانة وعلى متن طائرة عُمانية؟! أي أنه لم تتجرأ أي طائرة أمريكية على الهبوط في المطار!
أنا متأكد من أن السفير (تولر) كان قد خاط -قبل هذا اليوم- 201 جلبابا استعدادا للفرار، وأن فريدكين قد سبهم حتى جف حلقه بعد أن سمع خبر هذا الانسحاب المهين، وأن هذه الحادثة لو حصلت قبل تصوير فيلم «قواعد الاشتباك» لما وجد الفيلم من ينتجه!
نحن فيما مضى كنا نتعجب من منظر هؤلاء الجنود وهم يمرون أمام أعيننا بأسلحتهم باهظة الثمن، وعرباتهم الفارهة؛ ولكن تحت حماية جنود يمنيين بأجسامهم النحيفة وأسلحتهم الصدئة! وكنا نتساءل: من يحمي من؟! فقد كنا متأثرين بأفلام هوليوود، ونعتقد أن الجندي الأمريكي ضد الكسر. أما بعد هذه الحادثة فقد أقلعت عن عادة تصديق كل ما تعرضه هوليوود من أفلام.
أعتقد أن من المهم والواجب أن نحتفي بيوم 11 شباط/ فبراير من كل عام، بمناسبة فرار السفير الأمريكي وجنود المارينز من العاصمة صنعاء، وتركهم للموظفين اليمنيين في سفارتهم ليلاقوا مصيرهم! فهل من مدكر؟!
أما السبب الثاني لاحتفائنا بهذه الحادثة فهو أنهم بعد أن فروا، شهدنا فرار العملاء بعدهم، ودون أن نتحرى أو نبذل جهودا لكشف من يتعامل معهم، وبذلك أصبح اليمن أنظف وأجمل. ألا يستحق هذا الأمر أن نحتفل به؟!

أترك تعليقاً

التعليقات