لماذا الآن؟!
 

عبدالملك سام

عبدالملك سام / لا ميديا -

إعلان ألمانيا أن حزب الله إرهابي ليس جديداً، بل هو متوقع لعدة أسباب، أهمها أن ألمانيا تعتبر جزءاً من المحور الذي تقوده إسرائيل منذ تغلغل اليهود في السياسة الألمانية قبل الحرب العالمية الثانية وبعدها، كما أن ألمانيا متورطة في الحرب السورية، ومن المؤكد أنها قد تواجهت مع حزب الله ورأت كيف يجهض أحلام دول الاحتلال ويقطع أذرعهم الإرهابية.
المتابع دون تدقيق لما يجري في الساحة السياسية سينصدم بهذا القرار باعتبار أن لا مصلحة لبرلين في معارك الشرق الأوسط، وهذا الكلام غير صحيح بالنظر لمصالح الغرب في هذه المنطقة الغنية بالثروات والموارد التي تعتبر كالكعكة التي تمكنهم من الاستمرار كعالم متفوق على الآخرين، خصوصا وهذه الدول تعاني من أزمات اقتصادية، وظهور منافسين شرقيين لها كالصين وروسيا، والخوف من صحوة شعوب المنطقة.
أما السبب الأهم فهو اتفاق هذه الدول على التسليم لرؤية الكيان الصهيوني وعدم قدرتها على الخروج عن رؤيته لهذا الصراع، وعدم مشاركة ألمانيا بشكل واضح في الصراع لا يعني أنها غير موجودة، بل كان ذلك ظاهرا من خلال قيامها بنقل الإرهابيين إلى سوريا، وتورطها استخباراتيا في صراعات المنطقة، ومشاركة الأسلحة الألمانية في هذه الصراعات، والمشاركة أيضاً سياسيا في تبني ودعم قرارات ضد محور المقاومة على الدوام.
أما عن التوقيت فهو يأتي ضمن عملية تبادل الأدوار بين الدول الغربية بشكل مستمر ضد أية حركة مقاومة في المنطقة، وكلنا نعرف أن هذه العملية تتكرر باختلاف الدول المنفذة، فتارة نجد أن التحرك يتم عبر بريطانيا، وتارة أخرى فرنسا، ثم تأتي ألمانيا، وهكذا، وهو جهد متواصل يتم عبره الإيحاء بأن العالم كله ضد المقاومة، في حين أننا نعرف أن المخطط واحد، وأن معظم دول العالم لا توافق على هذا الاستهداف.
ما يؤكد هذا التصور هو ما يتعرض له راهناً الحشد الشعبي في العراق من استهداف تقوده بريطانيا التي حلت محل أمريكا مؤقتا، وما تتعرض له اليمن منذ فترة على يد بريطانيا ودخول فرنسا على الخط كوسيط بعد انكشاف الأسلحة الفرنسية التي تستخدمها دول العدوان، بينما كانت فرنسا قبل ذلك تقوم بدور عدائي ضد سوريا في كل المحافل الدولية بالتزامن مع جهد إماراتي لتطبيع العلاقات مع دمشق، وهكذا دواليك.
لكي نستطيع فهم هذه اللعبة المعقدة يمكن أن نستخدم طريقة "التجريد"، وهذه العملية تتم بوضع كل الدول الغربية والأنظمة المتواطئة في سلة واحدة، وطبعا هذا لا يتم إلا لعدة اعتبارات، أهمها المصالح المشتركة لهذه الدول وتاريخ وتوجهات سياساتها نحو المنطقة، كما يجب ألَّا ننسى أن السياسات الغربية لا تتغير بتغير الوجوه، وأي وجه سياسي جديد لا يمكن أن يخرج عن إجماع هذا المحور الغربي الطامع.
لا نعول كثيرا على معظم دول المنطقة لاتخاذ موقف موحد، في ظل خضوع الكثير من أنظمة هذه الدول للإرادة الغربية، لكننا نعول كثيراً على دول محور المقاومة. هذا المحور الذي يثبت مع الأيام جدوائيته وقدرته على تغيير المعادلات السياسية، كما أن هذا المحور بات يشكل تهديدا حقيقيا للمخططات الاستعمارية التي تستهدفنا، ومن آثار تحركه الفاعل ما أدى لكشف الكثير من مواقف الأنظمة العربية المتواطئة، وأيضا وضوح الرؤية لما يراد بشعوب وثروات الشرق الأوسط.
موقفنا يجب أن يكون مع حزب الله في لبنان، ومع حركات المقاومة في فلسطين، ومع الحشد الشعبي في العراق، ومع سوريا المقاومة، ومع إيران.. أما دوليا فيجب أن يكون لنا تواصل وموقف داعم لكل توجه يقف ضد تسلط المحور الأمريكي بأي بلد كان، فوجودنا ضمن تكتل أكبر يمثل عامل ضغط داخل الدول في المحور الأمريكي، وهو ما يؤدي لتغيير السياسات وإن لم تختلف الأهداف، ولكن هذا كفيل بإعطائنا المزيد من الوقت، وربما ظهور عناصر جديدة لتحقيق أهدافنا نحن.

أترك تعليقاً

التعليقات