حصار الألم
 

عبدالملك سام

عبدالملك سام / لا ميديا -

تخيل أنك واحد من هؤلاء المرضى أو من ذويهم، عندما تسمع إحصائية ما بعدد مرضى السرطان، ولنقل إن عددهم 100,000 حالة، فهذا يختلف عما إذا كان المريض ابنك أو ابنتك، فأنت حينها لا تنظر له كرقم 1 فقط، بل قد تراه العالم أجمع، وستكون مستعدا لأن تفعل المستحيل حتى تنقذه من مرضه، من منا لن يفعل؟!
قصص معاناة المرضى اليمنيين الذين لم يستطيعوا السفر للخارج تدمي القلب، هذا الكم الهائل من الألم والصبر والدموع والخوف يجتمع في أجساد منهكة تنتظر شيئا لا تعرف كنهه، ولكنه لا يأتي.. تظل تعاني لأيام وشهور في انتظار الفرج، فالقطاع الصحي الحكومي عانى لعقود من إهمال ممنهج جعل دور المستشفيات لا يختلف عن دور غرفة الإسعافات الأولية، ومكان يتكدس فيه المرضى قبل إدخالهم ثلاجات الموتى، وفاجأنا العدوان والحصار ليزيد الطين بلة لتكبر المعاناة أكثر، ومعاناة بدون صوت.
أنت يمني، لذا يعمل النظام السعودي على قتلك بدون رحمة، فممنوع كل شيء حتى الهواء النقي الذي قاموا بتلويثه بحرب بيولوجية حقيرة، فظهرت أمراض لم يعهدها أهل اليمن، وانتشرت الأوبئة لأن هؤلاء اللقطاء منعوا وصول الدواء الضروري في موعده، قاموا بقصف المستشفيات والمراكز الصحية، دمروا مخازن الأدوية والطرقات ومحطات توليد الكهرباء، استهدفوا فرقاً طبية أجنبية، ومنعوا أخرى من الدخول، ما الذي لم يفعله بنو سعود بعد؟!
تخيل معي عزيزي القارئ أنهم حتى قاموا بإغراء الأطباء ذوي الكفاءة للعمل في أماكن أخرى كمأرب وتعز بمرتبات مغرية، وقاموا بإغلاق مطار صنعاء رغم أن الرحلات التي كانت تنطلق منه أو الواصلة إليه كان يتم تفتيشها لعدة مرات وبشتى الوسائل المهينة، حتى إنهم يرشون المسافرين بالمبيدات الحشرية في بعض المطارات! ثم أطلقوا أيدي حثالتهم سواء في سيئون وعدن أو في مأرب، ليبتزوا المرضى الذين يحاولون الذهاب إلى الدول الأخرى للحصول على علاج غير متوفر في بلدهم، وهناك قصص مأساوية عن أشياء حدثت مع مرضى تعساء على أيدي مليشيات تابعة لدول العدوان، ابتداء بضرورة قطع جواز سفر بمبالغ غير قانونية ولا معقولة، وانتهاء بأخذ مبالغ حتى يتم تركك ترحل!
لك أن تتخيل أن أحد الآباء قام بإسعاف ابنه إلى القاهرة، ولكنه توفي هناك، وما كان من الأب المكلوم سوى أن عاد بجثة ابنه على متن طائرة إلى مطار عدن، عندها استقبله المرتزقة وضابط إماراتي، وأنت تعرف كيف أشكال هؤلاء، المهم أن هذا المحتل منع نزول جثة الابن بحجة أن هناك أوراقاً ناقصة، ولم يستمع لمناشدات الأب والناس الذين كانوا معه في الرحلة، فما كان من الأب إلَّا أن امتثل للأمر الواقع وعاد للقاهرة وحصل على الأوراق وسط استنكار الموظفين المصريين الذين اندهشوا لهذا التصرف، المهم عاد الأب المسكين حاملاً جثة ابنه إلى مطار عدن ليتفاجأ بأن الضابط الإماراتي قد تم تغييره بضابط آخر! والضابط الجديد كان أحقر من سابقه، فرفض تماماً أن يسمح للأب بدفن ابنه في بلده! وهكذا عاد الأب إلى القاهرة ليدفن ابنه هناك!
هذه واحدة من مئات القصص المؤلمة التي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن هؤلاء يحقدون على الشعب اليمني بشكل غير معقول، ولا يمكن أن يكون هؤلاء عربا أو مسلمين، بل هم أقرب ما يكونون للمسوخ البشرية التي تعاني من عقد نفسية، بالإضافة إلى أنهم خليط من أبناء مجهولي الأب تم تثقيفهم بثقافة غربية، وهم يحاولون الآن أن يثبتوا أنهم غربيون أكثر، فلا يمكن أن يكون شخص عربي ومسلم بهذه الدناءة والوضاعة مهما حدث، كما أننا نعرف أن الشعب اليمني لم يسئ معاملة أحد سواء من جيرانه أو أي أجنبي قدم إليهم زائراً أو حتى لاجئاً، فما هو المبرر لكل هذا الحقد والكراهية والتي لم تتغير مع تغير نظام الحكم أو بمرور السنين؟!
أخيراً.. سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

أترك تعليقاً

التعليقات