الشروط.. العصمة والكمال
 

طه أبكر

الشيخ طه أبكر / لا ميديا -
اشتراط الكمال واشتراط العصمة. نحن نعاني في الأمة الإسلامية، بل والناس جميعاً، إذا حضر النقاش في قضايا الإيمان، فإنهم يشترطون الكمال أو العصمة أو كليهما، والقلة من الناس من هم في عافية من هذا الداء الخطير.
وهم بذلك لا يفرقون في تصوراتهم بين الخالق والمخلوق، ولا يتذكرون ضرورة الواقعية في النقاش أو في البحث.
ويزيد على هذا أن يكون الذي يشترط ذلك منتسباً إلى العلم بنسبة، مهما كان ذلك العلم فهو يشترط شروطا لا يستطيع الالتزام بها ولا يستطيع قبولها في العلم الذي ينتسب إليه، بل سيرى أن هذه الفكرة مجنونة تبلغ غاية العته والسفه، لأنه يعلم أن هناك حقائق ونظريات، وزد على ذلك افتراضات واحتمالات، وأن هناك ما قد تم الوصول فيه إلى النتائج التطبيقية القائمة على الدراسات العلمية، وأن هناك أشياء مازالت في طور البحث والدراسة والتحليل والاختبارات، وأن هناك ما لا يصح تطويره والزيادة عليه، وهناك ما لا يزال البحث جارياً في تطويره، وأن هناك مما جزم بأنه لا يقبل الزيادة والتطوير، ولكنه ثبت عكس ذلك، وأن هناك ما تم القطع بقبوله للتطوير والتحديث فأثبت الواقع بالدراسات والأبحاث أنه لا يقبل شيئاً من ذلك.
فإن كان التسليم والتغاضي مبدأين ثابتين في حقائق علم ظاهر الحياة الدنيا، فلماذا لا يكون ذانك المبدآن ثابتين في كل علم ما دام أن التسليم كان لأجل العلم والحق، وأن التغاضي كان لعدم الإحاطة بعلم المتغاضى عنه أو لعدم تصوره واقعا؟! 
ومن تلك الاشتراطات المطالبة بأشياء لا يؤمن المطالب بها ولا يصدقها، في حين يرفض التسليم بأشياء قامت عليها الأدلة وفق الطريقة المعتبرة عنده، فيما يتوافق مع رغباته وأهوائه ووفق الطريقة المجربة لديه في الدراسة والبحث.
ومهما يكن هناك من تشنيع وتعنت وتشغيب وتعسف فإن الحجة قائمة بالأدلة التي تثبت بها الحقائق وفق الطريقة العلمية عند الناس جميعا.
وإن الإنسان الذي يسمع ويبصر ويريد الهداية إلى النجاة والفوز والفلاح والأمان لن يتعسف ولن يتحجر أمام ما يقدم لديه من الحقائق الثابتة المفهومة، ولن يجعل من بعض ما لا يدركه ولا يحيط به ولا يتصوره ويتوقعه فرصة للتهرب من التصديق بالحقيقة، وذلك عندما تكون الحقائق المحكمة راجحة على الحقائق المتشابهة المرجوحة.
ولن يقف أمام ذلك التسليم والتصديق إلا الميل إلى الألفة وإلى العادة وسيكون أتباع الذين لا يعقلون ولا يهتدون ولا يعلمون حجة وسيكونون أئمة وقدوة يتدعى أولئك إلى الالتزام بها والاقتداء بهم.
ولا أعلم أن لهؤلاء سببا مقبولا يدفعهم إلى قبول ما يخالف فطرتهم وطبيعتهم وما يخرجهم إلى الشذوذ والانحراف إلا أن يكون الاستكبار والتكذيب والاستهزاء والسخرية فهو وإن لم يكن سببا مقبولا إلا أنه تحليل يصيب كبد الحقيقة لأن هذا هو التحليل الوحيد والمناسب لمن خرج عن إنسانيته وتنازل عن كرامته فشابه الأنعام والكلب والحمار وشر الدواب.
ولست بذلك أسبهم وأقدح فيهم معاذ الله وحاشا لله، بل أنا أطلب المبررات لهم لكي يحسن بنا التعامل معهم بلين وملاطفة من منطلق الإيمان الكامل بانطباق هذه الصفات عليهم، وأما إن كنا نظن فيهم الإنسانية الكاملة فلن يكون أمامنا وأمامهم من خيار إلا الصراع ودوام الصدام.

أترك تعليقاً

التعليقات