في رحاب الحسين
 

طه أبكر

الشيخ طه أبكر / لا ميديا -
وقفات مع خروج الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام) إلى العراق
إن الذي ينظر في كتب التاريخ يجد أن الذين حاولوا ثني الإمام الحسين (عليه السلام) عن الخروج إلى العراق كُثر، ولكنه أبى إلا الخروج، فلماذا كان منه ذلك الإصرار الشديد وتلك العزيمة الثابتة؟
ولعلنا نجد الجواب إن علمنا الغاية من إرسال الرسل في قول الله سبحانه وتعالى: «رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً».
فإننا سنعلم لماذا خرج الإمام الحسين (عليه السلام) إلى العراق وما قبلها من الأحداث وما بعدها من الأحداث؟
وسنعلم لماذا ترك الإمام الحسن (عليه السلام) حرب معاوية بعد استشهاد الإمام علي (عليه السلام)؟
وسنعلم لماذا قبل الإمام علي (عليه السلام) أن يكون أبو موسى الأشعري في التحكيم؟
وسنعلم لماذا قبل الإمام علي قضية التحكيم وقد كان النصر في صفين قاب قوسين أو أدنى؟
وسنعلم لماذا قبل الإمام علي أن يلي الأمر بعد مقتل عثمان بن عفان؟
وسنعلم لماذا لم ينازع الإمام علي أبا بكر الخلافة بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وعلى آله)؟
وسنعلم لماذا كانت ثورة الإمام زيد بن علي (عليهما السلام).
وسنعلم لماذا خرج الإمام الهادي يحيى بن الحسين إلى اليمن؟ ولماذا ترك اليمن؟ ولماذا عاد إليها مرة أخرى؟ 
فإن العلة واحدة في ذلك كله هي في ما ورد من القول المروي عن الإمام علي (عليه السلام): «أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ لَوْلَا حُضُورُ الْحَاضِرِ وَقِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ وَمَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَى الْعُلَمَاءِ أَلَّا يُقَارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِمٍ وَلَا سَغَبِ مَظْلُومٍ لَأَلْقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا وَلَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِهَا وَلَأَلْفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هَذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْزٍ».
إن الأئمة من أهل بيت النبي الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا يلتزمون بإقامة الحجة على الناس في صلاح شؤونهم من أمور الدنيا والآخرة، فإن استجاب لهم الناس قاموا بنصرتهم خير قيام، يبذلون أرواحهم ودماءهم رخيصة في سبيل الله ونصرة للمستضعفين، ويكونون في مقدمة الصفوف يشاركون الناس في المغرم دون المغنم، وهكذا شأنهم لو طلبهم الناس واستعانوا بهم واستنصروهم واستغاثوا بهم، فإنهم لا يجدون إلا القيام معهم والتحرك الجاد والصادق في عونهم ونصرتهم.
والبيان لما ورد في مقالات أخرى إن وفق الله سبحانه وتعالى إليها.
وإن ما يلفت الانتباه في ذكرى قيام الإمام الحسين أمران اثنان:
الأمر الأول: من جانب الإمام الحسين وهو عظمة التضحية من الإمام وأهل بيته وأصحابه لنصرة الناس ومساعدتهم، ورفع ظلم الظالمين عنهم، وإقامة القسط فيهم.
والأمر الثاني: من جانب أكثر الناس الخذلان والمنابذة وإيثار المهانة على الكرامة والذلة على العزة، وهكذا يكون الناس إذا انعدمت القيم والمبادئ واغتر الناس بالحياة الدنيا وطلب العلو والفساد، فيكون كذلك في تقييم الشخصيات وفي تحليلات الأحداث وفي وزن المواقف.

أترك تعليقاً

التعليقات