القوة الداخلية والخارجية
 

طه أبكر

الشيخ طه أبكر / لا ميديا -
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد:
لقد كانت كل أمة من الأمم التي تعيش في واقع الصراع بحاجة إلى قوة داخلية وإلى قوة خارجية.
وهكذا فإن كل شعب من الشعوب وكل قبيلة من القبائل تعيش ذلك الواقع فإنها ما لم تحرص وتسعى لتحقيق القوة الداخلية والقوة الخارجية إلا كانت نتيجة التهاون واللامبالاة في إحدى القوتين أو كلتيهما سبباً كافيا للهزيمة والردة والفشل والتيه والضياع، وإن النتيجة الواقعة لذلك التقصير والإهمال من أبناء تلك الشعوب والقبائل هي أن تصبح أو تمسي نهباً ينتهبها الأقوياء ويفترسون أبناءها الضعفاء.
وإننا كأمة قد أصابها القرح وتريد أن تكون معدودة في خير أمة أخرجت للناس فإن الله سبحانه وتعالى جعل لنا مصدرا للقوتين الداخلية والخارجية.
فأما مصدر القوة الداخلية فإنه بتحقيق "لا إله إلا الله" علما وعملا، قولا وفعلا، حالا ومنهجا.
وتكمن قوة "لا إله إلا الله" في أنها تقضي في نفوس العالمين بها على كل معنى من معاني الفساد، لأن كل فساد ظهر ويظهر لا يكون إلا من اتخاذ آلهة مع الله سبحانه وتعالى من الأرض أو الهوى الذي يكون من النفس.
ولهذا فقد قال اللطيف الخبير العليم بخلقه البصير بهم: "أَمِ اتَّخَذُوا آَلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ، لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ" (سورة الأنبياء).
وقال سبحانه وتعالى: "وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ" (سورة المؤمنون).
فإذا تمكنت "لا إله إلا الله" من نفوس أبناء أمة أو قبيلة أو شعب فإنها تعمل عملا لا يخطر على بال، فإنها قاضية على كل ضعف داخلي صانعة لكل قوة داخلية.
وإن القضاء على الفساد الذي في داخل الأنفس هو حقيقة القوة الداخلية، فإن الفساد إذا دخل في النفوس نخرها نخرا فيكون هلاكاً لها بغير تدخل من عدوها.
ولن يكون القضاء على الفساد إلا بتحقيق "لا إله إلا الله"، فلا إله من الأرض ولا إله من الأنفس، فإنما هو إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم.
فإنه لا يخلق ولا يملك النفع والضر ولا يملك الموت والحياة والنشور إلا الله، فمن الذي سواه يُرغب إليه؟! ومن الذي سواه يُرهب؟!
وأما مصدر القوة الخارجية فإنه في تحقيق "الله أكبر"، ومن علم أن "الله أكبر" لا تهدده قوة كيفما كانت ولا تعجزه كثرة مهما كانت.
فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، فما كان بعدها: "فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ" (سورة البقرة).
فإن كانت "لا إله إلا الله" قوة داخلية تجفف منابع الفساد، فإن "الله أكبر" قوة خارجية تهزم كل المفسدين والطغاة في العالم.
ولنعلم جميعا أن "لا إله إلا الله" و"الله أكبر" ليست عبارات تقال باللسان، بل هي معانٍ وحقائق يجب ترجمتها إلى واقع عملي، ما لم فإنها تكون حجة على صاحبها لا حجة له.
سبحان ربي رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

أترك تعليقاً

التعليقات