تاريخ معركة الاستقلال والاستغلال
 

طه أبكر

الشيخ طه أبكر / لا ميديا -
إن لهذه المعركة التي نعيشها اليوم بداية، ولقد كانت بدايتها من الغرب، حين قام رجالات من أبناء الغرب بالبحث الجاد عن الأسباب التي أدت إلى تخلفهم وضعفهم وهزيمتهم. ولم يكن آنذاك من حضارة يتوجهون لدراستها وللبحث في أسباب قيامها إلا الحضارة الإسلامية بشقيها العربي والعجمي.
ولم تكن تلك الحضارة تمثل الصورة الحقيقية للنهضة الإسلامية التي أسسها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وإن كانت تحمل شيئاً من النهضة المحمدية.
ولذلك فلم يرَ أولئك الباحثون في تلك الحضارة ما يجذبهم ولا ما يرهبهم، وإنما وجدوا ضالتهم المنشودة في أن يكونوا ورثة لتلك الحضارة.
وفي الوقت الذي حددوا مساراتهم اللاتي لا تخرج عن الاستفادة الكاملة والشاملة من تلك الحضارة، بل ومن كل الحضارات الغابرة بما تبقى بين أيديهم منها، وهم مع ذلك لم يستفيدوا من كل الجوانب الإيجابية، بل أخذوا ما يتوافق مع رغباتهم وتركوا ما يخالف أهواءهم.
ولقد كان لهم ذلك، وأعانهم في ذلك النزاعات السياسية بين المسلمين، والنزاعات الثقافية بين المكونات الإسلامية، والنزاعات الطائفية بين الطوائف الإسلامية.
وأعانهم غفلة الناس وجهلهم وابتعادهم عن الإسلام وغرقهم وانشغالهم فيما لا فائدة دينية ولا دنيوية فيه.
ولقد تم للغرب ما نشدوه وما أرادوه، وانطلقوا بكل وسيلة من وسائل الاستغلال لإقامة نهضة أوروبية. ولما نهضت أوروبا رأت الثروات التي في العالم حقا مشروعا لها وليس لأحد من العالمين منازعتها فيه، ولو كان الذين ينازعونها هم أهل تلك البلدان.
وانطلقوا شرقا وغربا ليحققوا تلك الرغبة التي ستمكنهم من السيطرة على العالم كله، إلى أن حققوا كثيرا من مآربهم ونالوا الكثير من رغباتهم. ولما حدثت متغيرات كثيرة في العالم وفرضت عليهم الرجوع والعودة إلى بلدانهم قاموا بتحديث سياساتهم وفق تلك المتغيرات، وكان من ذلك التحديث تصدير أمريكا مشروعها المطور عن المشروع الأوروبي.

أترك تعليقاً

التعليقات