بناء الدولة وذكرى عاشوراء
 

طه أبكر

الشيخ طه أبكر / لا ميديا -
رأينا خلال الأيام الماضية مع ذكرى عاشوراء واستشهاد الإمام الحسين بن علي عليهما السلام أن بعض من له مشاركة في الإعلام وفي مواقع التواصل الاجتماعي يزعم أن تفاعل اليمنيين مع ذكرى عاشوراء ينفي وجود مشروع الدولة لديهم، ولو جئنا للحديث عن هذا الأمر من أول وهلة فقد يقول بعضنا إنه لا علاقة لمشروع الدولة بذكرى عاشوراء، ولكن الحقيقة أن هناك علاقة وثيقة، ولكن يحزننا أن يكون عدونا أكثر إدراكا منا لتلك العلاقة.
وقبل أن نقرر أن ذكرى عاشوراء بحد ذاتها مشروع الدولة المحمدية الإسلامية وليست دولة بني أمية الجاهلية، نقف مع تركيز العدو على ضرب نقاط القوة.
إن كل عدو يسعى في ضرب نقاط قوة عدوه وفي ثبات نقاط الضعف في ذلك العدو فينهار عدوه بعد ذلك بغير عناء ولا جهد منه.
وإنه لن يستطيع ذلك إلا إن علم ما هي أسباب الضعف وما هي عوامل القوة، ولذلك في كل الحروب يسعى أذكياء المتنازعين في كلا طرفي النزاع إلى العلم بذلك.
فلما نرى عدونا يركز على نفي مشروع الدولة بذكرى عاشوراء فينبغي أن نفهم كيف نرد على ذلك ونتعامل معه، فليست المعاملة والرد بنفي العلاقة بين مشروع الدولة وذكرى الإمام الحسين، بل بذكر جوانب العلاقة بين النهضة الحسينية وبين بناء الدولة.
وإنه من المعلوم لدى المسلمين أن الإمام الحسين خرج للإصلاح الإصلاح الشامل وعلى رأس ذلك الإصلاح في الجانب السياسي وفي نظام الدولة في كل جوانبه.
ولم يكن الإمام الحسين عليه السلام ليحقق ذلك إلا بمشروع دولة.
فإن علمنا ذلك تمام العلم وتيقنا منه تمام اليقين وهو أن الإمام الحسين خرج لبناء دولة وتأسيس حكومة إسلامية فلنا أن نسأل أين تلك الدولة التي أراد الإمام الحسين قيامها؟
وبلا شك أن الجواب حاضر، إنها لم تتحقق لتخاذل المتخاذلين وتفريط المفرطين وتقصير المقصرين وتساهل المتساهلين وتكالب الظالمين ولعمل وجهود المنافقين وبقايا المشركين والكافرين وأعوان الظالمين، وكانت نتيجة ذلك فاجعة كربلاء وما تلى ذلك من الأحداث الى يوم الناس هذا.
وهنا نقول: إن استشهد الإمام الحسين عليه السلام وغاب عنا جسده الشريف فهل يعني ذلك موت مشروع الدولة الذي كان يريد القيام به وغيابه؟
والجواب إن الإنسان يموت أو يقتل ولكن الحق حي لا يموت.
وليكن قولنا: ما مات الحسين ولن يموت مشروعه، بل الحسين حي عند ربه ومشروعه حي فينا وفي أنفسنا وفي قلوبنا وفي عقولنا وفي حياتنا جهادا متواصلا وتحركا فعالا حتى تحقيقه وقيامه.
وليكن منا الإعلان الصريح والواضح بغير مداهنة ولا مداراة أننا نريد بناء الدولة التي كان الحسين بانيها، وأن مشروعنا هو تحقيق تلك الغاية التي خرج الإمام الحسين بن علي عليهما السلام لتحقيقها، والقيام بتلك النهضة التي استشهدا في سبيل قيامها.
ولا علينا بعد ذلك بسخط الساخطين ولا بقصور القاصرين ولا بقلة وعي قليلي الوعي، فإن الواجب على من كان قاصرا في وعيه أن يرتقي هو لا أن نتنازل نحن، والواجب على المقصر أن يتلافى تقصيره، وأما الساخط فلا شأن لنا به ولا عمل لنا معه.

أترك تعليقاً

التعليقات