من الوصاية إلى الاستقلال
 

د. أحمد المؤيد

د. أحمد المؤيد / لا ميديا -
منذ العام 1970 وبعد أن تخلى جمال عبدالناصر عن اليمن، نتيجة إنهاكه في حرب 1967، دخلت اليمن تحت الوصاية السعودية، وكان النظام السعودي هو من يسيطر على مقاليد الحكم في البلاد، بل ويتحكم في كل شيء فيها، وما فعله النظام السعودي هو السيطرة على القبائل اليمنية بهدف السيطرة على البلد ككل.
وفي عهد نظام علي صالح أصبحت الوصاية السعودية على اليمن أكثر رسوخا ومتانة، بعد أن اختار هذا النظام الطريق الأسهل، وهو المسار السعودي والتحالف معه، فأصبح يمن الحضارة والتاريخ والقيم تحت رحمة وتصرف وتعنت النظام السعودي، الذراع الأمريكية في المنطقة.
واستمر الأمر كذلك حتى مجيء ثورة 21 أيلول 2014، بقيادة أنصار الله، وهي الثورة التي حملت مشعل الحرية والاستقلال من الوصاية. حينها أيقنت السعودية ومن ورائها أمريكا أنهما أمام شعب حر يأبى البقاء تحت الوصاية الخارجية أياً كان مصدرها، فسعت هذه الدول إلى إجهاض هذه الثورة في مهدها، وذلك بشن عدوان كوني على اليمن في آذار/ مارس 2015، تم إعلانه من واشنطن، واستخدمت فيه كل أنواع الأسلحة من كيماوي وعنقودي وأسلحة محرمة دوليا وغيرها، كما استخدموا جميع الأساليب من تجويع وحصار.
ورغم كل ذلك سجل الشعب اليمني صمودا أسطوريا -في أصعب الظروف وبأقل الإمكانات- أمام منظومة متكاملة استخباراتياً وعسكرياً ومالياً وإعلامياً، والسبب هو إيمانه بالمشروع الوطني الذي يقوده قائد شريف ونزيه، صادق ومتواضع، ينادي بالكرامة والاستقلال.
هذا الأمر ما انعكس إيجابياً على الأوضاع الداخلية في مناطق جغرافيا السيادة الوطنية. فمن يقارن الوضع الداخلي بين المناطق المحتلة من قبل تحالف العدوان ومليشياته، والمناطق غير المحتلة، سيلمس فرقاً كبيراً في كل شيء، فالمناطق المحتلة والتي تمثل نحو 60% من مساحة اليمن، تعيش ظروفاً صعبة على المستوى المعيشي والأمني وحالة من الفوضى، في حين أنّ المناطق الواقعة في إطار جغرافيا السيادة الوطنية تتوفر فيها العزة والكرامة والأمن والاستقرار، رغم الحصار والظروف الصعبة.
أما فيما يخص قضايا الأمة المصيرية، فقد أعلنت ثورة 21 أيلول منذ البداية التزامها المبدئي والكامل بالقضية الفلسطينية واستعداد اليمن للمشاركة في معركة تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني الغاصب، والوقوف مع محور المقاومة في أي معركة قادمة ضد أعداء الأمة.
على الشعوب العربية أن تتحلى ببعض الشجاعة، متخذة أمثلة من الشعب اليمني والسوري والفلسطيني، فهذه الشعوب كانت ولا تزال تتعرض لعدوان وحصار والكثير من الضغوطات، إلا أنّها وجهت بوصلتها باتجاه واحد، وهو مقاومة المشروع الإمبريالي الأمريكي الصهيوني في المنطقة، وكسرت قيد الخوف واستطاعت أن تحقق إنجازات عظيمة تحت أصعب الظروف.
ختاما: يجب أن تفهم الشعوب العربية أن التطبيع لن يفيدها بشيء، وكل دولة طبعت هي منبوذة على المستوى الأخلاقي والقيمي والشعبي أيضاً، فمشروع التطبيع هو مشروع معارض للقيم والإنسانية والمبادئ، حتى لو تم تجميله وتزيينه يبقى في الأخير بضاعة فاسدة ومشروعاً فاشلاً.

أترك تعليقاً

التعليقات