أفيون الوهم
- د. أحمد المؤيد الأثنين , 13 يـولـيـو , 2020 الساعة 7:38:34 PM
- 0 تعليقات
أحمد المؤيد / لا ميديا -
بالصدفة وقعت عيناي على منشورات لبعض كُتَّاب كنا نحسبهم رواداً. فوجئت بهم منغمسين حد الثمالة في تشريح الأنساب والسلالات، وبدؤوا يحاولون عبثاً فك طلاسم الحركة الحوثية كما يسمونها!
ثم استحضروا من التاريخ قصصاً وإما كتبوها هم وإما كتبها أمثالهم في غابر الأزمان، فيجتزئون ما يريدون وينسخون ويلصقون!
باختصار: نستطيع أن تقول إنهم يفصلون لهم قميصاً ليلبسوه، فيحسون بالسعادة أنهم هكذا شخصوا الحركة الحوثية، وأصبحوا قريبين من القضاء عليها بعد هذا الجهد الرهيب!
أضحك أحياناً، وأشعر بالشفقة أحياناً أخرى على هذه العقليات البليدة. فالبليد لا تستطيع أن تعرفه إلا عندما تضعه في اختبار.
مؤسف جداً أنهم بعد ست سنوات مازالوا لا يعرفون من هم الأنصار وما هو مشروعهم!! أما المثير للشفقة فهي هزائمهم التي منيوا بها ومازالوا، بسبب تشخيصهم الخاطئ للعدو من هو وما هي مواصفاته!
يخشون أن يعترفوا بالحقيقة، فلا يجدون سبباً لعدائهم له، ولا مبرراً لخيانتهم لوطنهم، إلَّا أكاذيب فبركوها، فيفضلون استنشاق هيروين الوهم ليخدرهم بمطاردتهم لعدوٍّ وهميٍّ، فصَّلوه على مقاس أحقادهم التي عُبئوا بها.
لن تجد في صفحاتهم حديثاً عن وطنية أو استقلال أو كرامة... لأنهم أساساً ينطلقون من حضن عدوٍّ يقصف بلدهم ليل نهار ويمزقه ويحاصره.
كما أنهم لا يستطيعون الحديث عن مشروع وطني جامع مشرف، فمن يدفع لهم رواتبهم آخر الشهر لن يسمح لهم الآن حتى بمجرد التفكير في مشروعٍ غير مشروع القتال والتدمير.
لذلك، المتاح الآن هو الوهم اللذيذ، هو اختراع عدو، ولو ليس له وجود، ويتخيلون أنه في صنعاء، وأنه من سلالة معينة يجب شتمها، حتى تكتمل حبكة القصة. لا يريدون أن يذكرهم أحدٌ بأن صنعاء انصهر فيها الجميع في بوتقة واحدة هي بوتقة الوطن، لأن المشروع الذي يحمله الرجال هناك بين جوانحهم يحتاج مشاركة الجميع بلا استثناء، ويجعلهم يجودون بأرواحهم فداءً لبعضهم، بل ويحمل بعضهم بعضا في خطوط النار على أكتافهم دون اكتراث بوابل الرصاص المنهمر.
ولذلك انتصروا، وينتصرون. لذلك صمدوا، وسيصمدون...
بينما أولئك يستنشقون الوهم ويرسمون بطولاتهم في الهواء. يشتمون سلالةً ليل نهار، ويخوضون معارك ميسرة نهم وميمنتها من صفحات "تويتر"، ويسطرون هزائم صنعاء في "فيسبوك" يفتكون بأنساقٍ، ويذيبون أنساقاً أخرى، مع الحفاظ على وتيرة الانسحاب التكتيكي، ثم بعد ذلك يشبعون صنعاء اتهاماً بالسلالية والعنصرية!
ويستلقون بعدها يحلمون بوطن بمواصفات سلمانية!
هنيئاً لهم الوهم والهزيمة! وهنيئاً لصنعاء المواقف العظيمة.
المصدر د. أحمد المؤيد
زيارة جميع مقالات: د. أحمد المؤيد