إعادة تدوير الوهابية!
- د. أحمد المؤيد الأثنين , 8 سـبـتـمـبـر , 2025 الساعة 1:09:56 AM
- 0 تعليقات
أحمد المؤيد / لا ميديا -
من يظن أن السعودية قد غادرت الوهابية فهو لم يفهم طبيعة العلاقة بين السلطة والدين في شبه الجزيرة العربية منذ نشأتها.
الوهابية لم تكن يوماً مجرد عقيدة فقهية، بل كانت أداة حكم وسلاح تعبئة، تُستخدم متى شاءت السلطة وتُخفى متى اقتضت المصلحة.
محمد بن سلمان لم يُحطم الوهابية، بل حطم مراكز نفوذها التقليدية التي كانت تُزاحمه في الشرعية والهيمنة، فحاصر المشايخ، وأغلق فم المؤسسة، وحوّل «الدين» من شريك في الحكم إلى موظف في بلاطه.
لكن الوهابية كسلوك ونمط تفكير لم تختفِ؛ بل جرى إعادة تدويرها في صورة ذباب إلكتروني يهاجم الخصوم، ودعاية طائفية تُسعّر العداء لإيران، ودعم للجماعات الإرهابية في سورية وعلى رأسها الجولاني، الذي أصبح اختصاراً للمنتج الوهابي بعد أن تجرد من أي غطاء ديني تقليدي.
الوهابية اليوم ليست لحية ولا عباءة، بل هي سلوك دولة: تكفير، إقصاء، وتوظيف متقلب للدين في خدمة مشروع سياسي واقتصادي عابر للحدود.
محمد بن سلمان لم يدفنها، بل ابتلعها وأعاد إخراجها بما يخدم طموحه في أن يكون هو المرجع الأوحد، والدين أداة من أدواته.
المجاميع السلفية في سورية، وتلك التي يتم إنشاؤها في اليمن مؤخراً، هي رؤوس حربة لمعركته القادمة للقضاء على أي عدو للمشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة.
من يعلن موت الوهابية يُخدع بالمظاهر. أما حقيقتها فما زالت حية تتقلب بين الجهاد في سورية، والتحريض على اليمن، والتحشيد ضد كل من يقف أمام مشروع «المملكة الجديدة». الفرق الوحيد أن الراية لم تعد بيد المشايخ، بل بيد ولي عهد لا يقبل أن ينازعه أحد في النفوذ.
المصدر د. أحمد المؤيد
زيارة جميع مقالات: د. أحمد المؤيد