غزوة التريليون!
- د. أحمد المؤيد الأثنين , 19 مـايـو , 2025 الساعة 7:38:22 PM
- 0 تعليقات
أحمد المؤيد / لا ميديا -
في أرض الرمال والنفط، قررت السعودية أن تدخل التاريخ من أوسع أبوابه، وتعلن عن خطة لاستثمار تريليون دولار في أمريكا. نعم، تريليون، ذلك الرقم الذي لا يُحصى على الأصابع ولا حتى بالمسبحة الإلكترونية!
لكن السؤال الذي لا مفر منه: من أين ستأتي المملكة بهذه الأموال الطائلة، وهي تعاني عجزاً مالياً سنوياً منذ عقد من الزمان، وصندوقها السيادي فقد أكثر من 300 مليار دولار في الفترة نفسها؟! وهل نسيتم يا قوم الالتزام القديم؟!
نعم، في العام 2017، حينما زار ابن سلمان البيت الأبيض، وقف ترامب في مشهد مسرحي حاملاً سبورة مليئة بالصور، يشرح لولي العهد بحماسة أشبه بحماس بائع السيارات المستعملة، كيف ستشتري السعودية أسلحة أمريكية بقيمة 460 مليار دولار على مدى عشر سنوات.
كان ترامب يشير إلى الطائرات والدبابات وكأنه يبيع له مجموعة ألعاب للأطفال، وابن سلمان يقف أمامه مبتسماً، كأن الصفقة لتوريد ألعاب فيديو، لا أسلحة تقتل بها شعوب.
ترامب، الذي لا يتوانى عن إهانتهم في كل فرصة، يذكرهم دائماً أنهم «لن يبقوا في الحكم أسبوعين» لولا حمايته. ومع ذلك، يواصلون ضخ الأموال في اقتصاده، كمن يسقي شجرة جافة في صحراء قاحلة، على أمل أن تثمر يوماً.
وبينما يوقعون العقود ويكتبون الشيكات، لم يكلفوا أنفسهم حتى وضع شرط واحد لحماية أهل غزة، لم يطلبوا حتى فك الحصار، أو وقف المجازر التي يرتكبها نتنياهو بحق الأبرياء، وكأن دماء الفلسطينيين أقل قيمة من وعود ترامب الزائفة!
لكن دعونا نعود للسؤال الأهم: من أين سيأتون بالتريليون؟
السعودية قد تضطر للبحث عن المال بعدة طرق: إصدار سندات دين ضخمة (يعني الاستدانة بشكل فخم)، بيع بعض أصولها أو حصصها في شركات كبرى مثل أرامكو، وهذا مثل من يغطي رأسه فتظهر رجلاه... كل هذا ليرضى ترامب، أو حتى بيع أراضٍ أو أصول عقارية، تماماً كما يفعل الرجل الذي يبيع منزله لشراء سيارة فاخرة حتى يثير إعجاب جاره!
الخلاصة: ربما تملك السعودية خطة عبقرية تضع آينشتاين في جيبها، أو ربما هي مجرد أحلام وردية مثل تلك المدن الذكية والجزر العائمة التي تراها في الكتيبات الدعائية.
في النهاية، يبدو أن السعودية في رحلة البحث عن التريليون، مثل مغامر يبحث عن الكنز المفقود، وكلما اقترب منه، زاد الغموض وضاع المفتاح.
المصدر د. أحمد المؤيد
زيارة جميع مقالات: د. أحمد المؤيد