انتصارات البركان.. وهزائم السبهان
 

د. أحمد المؤيد

أحداث متسارعة في الفترة القريبة الماضية تعصف بالمنطقة، منها سياسي ومنها عسكري، وبعضها تآمري. ففي الوقت الذي نشهد فيه انتصارات واضحة في العراق وسوريا على الإرهاب، وعودة المدن والقرى المحررة الى رحاب أوطانها، والتقاء الجيشين العراقي والسوري عند أكثر من نقطة على امتداد الحدود السورية العراقية، معلنين نهاية دولة الخرافة التي كانت قائمة برعاية أمريكية سعودية إسرائيلية، كما نشهد وضعاً لبنانياً جيداً - بعد القضاء أيضاً على جيوب داعش في شرق لبنان- متوجاً فترة طويلة من الاستقرار والأمن والتعافي الاقتصادي، ومستعداً للانتخابات النيابية التي ستجرى في مايو القادم.
في ذات الوقت ينشط (زعطوط) يُدعى ثامر السبهان في المنطقة كثعلب احترق ذيله وبدأ بالحركة والدوران لا يقر له قرار، فوجدناه في كردستان عندما جرى استفتاء الانفصال، يشجعهم ويعدهم ويمنيهم بالأموال والبناء والاعتراف بإقليمهم، ذلك الاستفتاء الكردي الذي لم يحظَ إلا بموافقة (سعودية إسرائيلية) فقط، فيما حظي بتجاهل الكثير من دول العالم، وبالطبع كانت تلك التحركات من النظام السعودي ردة فعل على الاستقرار الذي بدأ يعود إلى العراق وسوريا بعد طول غياب.
وما إن فشل مشروع الانفصال الكردي وانطفأت جذوته، حتى وجدنا السبهان يطل برأسه مرة أخرى في لبنان، وذلك بعد سلسلة تغريدات يستفز فيها حزب الله وأمينه العام السيد حسن نصر الله الذي تجاهله، بل وصفه (بالزعطوط).. ولما لم يعره أحد بالاً ولم تلقَ تغريداته اهتماماً، حرض ولي نعمته بن سلمان لكي يستدرج سعد الحريري إلى السعودية، ثم يجبره على الاستقالة عبر خطاب ناري ضد إيران وحزب الله، متوقعاً أن يستفزهم فيردوا على كلامه بتصعيد يسفر عن انفضاض الشراكة بينهما في الحكومة، ويجبر الرئيس اللبناني على تشكيل حكومة أخرى في محاولة لتهدئة الموقف، وبالتالي يتحقق للسعودية ما أرادت من زعزعة استقرار لبنان وبث روح الخلاف والشقاق فيه.. 
ولكن حكمة القيادة في حزب الله فهمت اللعبة تماماً، وأطفأت الجذوة التي أشعلتها السعودية، وحولتها الى فحمة باردة، عبر خطاب وسطي هادئ، وكذلك الحال عند الرئيس اللبناني ميشيل عون الذي بادر بخطاب عقلاني رفض فيه استقالة الحريري، وأعلن أن لبنان شعباً وأحزاباً منتظرون عودة رئيس حكومتهم، ورمى الكرة في ملعب السعوديين، الذين كانوا يريدون اصطياد عصفورين بحجر واحد، أولهما انفراط عقد اللبنانيين ودخولهم معركة عدم الاستقرار، وثانيهما تجريد سعد الحريري من منصبه السياسي اللبناني ليعاملوه بجنسيته السعودية، وبالتالي عصره كما تُعصر الليمونة، وسحب كل المليارات التي يمتلكها تحت ذريعة الفساد ومكافحته، وخصوصاً أنه لا قبيلة له تحميه، ولا ظهر يسنده، فكيف يترك هكذا صيد ثمين!
وبقدرة قادر انفجر البالون السبهاني المنفوخ في وجه السبهان وبن سلمان، وبشكل أحرجهم أمام العالم الذي بات منتظراً عودة سعد الحريري الى لبنان، ولا هم له إلا ذلك.. هذا إذا لم يتحول الموضوع الى مجلس الأمن، وخصوصاً بعد تدخل قوى عظمى على الخط كفرنسا التي يحمل الحريري جنسيتها أيضاً.. على المقلب الآخر كانت السعودية لا زالت تعالج آثار جراحها المعنوية التي ألحقها بها صاروخ (بركان2) اليمني الذي خلط كل الأوراق، وأوصل رسائل قوية لم يكن حتى مطلقوه يتوقعونها بهذا الشكل..
فعلى مستوى الشعب السعودي وصلت له رسالة مفادها، أن حكومتهم تكذب عليهم بشكل فج، إذ كيف أن نتيجة 3 سنوات من الحرب على اليمن والادعاء بأن 85% من مخزون صواريخ اليمن تم تدميره في الربع ساعة الأول، تتوج بصاروخ باليستي يمني يضرب العاصمة الرياض، وأخيراً يعترف وزير خارجيتهم أن ينبع نالها صاروخ مشابه أيضاً في وقت سابق!
أما على مستوى القيادة السعودية فقد صُدمت بأن منظومة الدفاع الجوي المتطورة التي تمتلكها، والتي استوردتها من الولايات المتحدة، أثبتت فشلها أكثر من مرة، وبالتالي فإن الأمريكان ربما يبيعونهم خردة أو أنظمة غير فعالة، وبالتالي باتت يد اليمنيين قادرة على ضرب أهداف أشد خطورة من مطار الملك خالد في الرياض.
أما الرسالة الثالثة فقد كانت للولايات المتحدة التي تتفاخر بمنظومة (باتريوت باك 3) التي تعتبر آخر ما توصلوا له في تقنيات اعتراض الطائرات والصواريخ الباليستية، ومع ذلك ثبت فشلها في السعودية، وبالتالي بدأت الشكوك تساورهم فيما أن إيران وحزب الله يمتلكان نفس تكنولوجيا تفادي منظومة الدفاع الجوية الأمريكية..! وبالتالي فإن معامل الأمونيا في حيفا في دائرة خطر غير مسبوقة.. 
وهنا تستمر معركة البركانيات والسبهانيات في المنطقة حتى تتم تعرية نظام بني سعود عالمياً بأنه أكبر مهدد للأمن القومي العربي والاستقرار في المنطقة، والاعتراف بحق الشعب اليمني في مقاومة العدوان، وحقه أيضاً في استعادة كرامته وسيادته.
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.. ولا نامت أعين بني سعود.

أترك تعليقاً

التعليقات