«قوى محمدية» لضرب الهيمنة
 

كارلوس شهاب

كارلوس شهاب / لا ميديا -
ما حلم به وديع حداد من أجل ضرب الأخطبوط الإمبريالي العالمي الذي تمتد أذرعه في كل مكان، تحققه اليوم المقاومة وباحترافية عالية.
وبدلاً من أن يكون الفعل المقاوم مجرد فعل عنفي يتمثل بمعسكر تدريب في عدن ومجموعة تخطف طائرة هنا أو تنسف خطاً هناك، يمثل الفعل المقاوم اليوم مشروعاً ضخماً يمتد على رقعة أضخم موزعة على ما عُرف بـ"الشرق الأوسط" يتكون من أجسام سياسية ومجالس شورى وأجهزة أمنية داخلية وترسانات عسكرية وقدرات تتطور بين كل معركة وأخرى وناطقين إعلاميين يستخدمون تكتيك "لتكون في الصورة" من أجل تحويل المتلقي إلى جزء من الحدث.
ليس هدف فعل المقاومة اليوم إلحاق الضرر أو جعل العالم يتألم كما تألمنا، بل هدفه إزالة الألم من أساسه، هدفه تغيير المنطقة والعالم، جراحة تشفي من هذا التورم على مدى قرن.
خطبة السيد القائد أبو هادي والمؤتمر الذي عقده القائد أبو إبراهيم يجب ألا يمرا مرور الكرام. "القدس مقابل حرب إقليمية" و"التنسيق بين غزة وحركات المقاومة على الجبهات"، كلمات تعني أن عصر تجزئة الجماعة وجعل كلٍّ يقاتل من أجل هدف صغير قد انتهى، هذه المنطقة كلها مستعدة أن تدخل الحرب من أجل شيء كبير.
يخلق الفعل المقاوم اليوم عالماً مختلفاً عمّا عايشناه سابقاً، عالماً تنسق فيه غزة وبيروت وبغداد ودمشق وصنعاء ليس من أجل مؤتمر اقتصادي أو جلسة لمناقشة وضع ما أو قمة طارئة من التي شبعنا منها، بل من أجل ضرب الهيمنة؛ التجزئة أو الحكم غير المباشر أو الكيان الصهيوني أو ثلاثتها معاص يستطيع مقلاع المقاومة اليوم إصابة كبدها. هذا شيء كبير جداً.
في نهاية القرن الـ19 واجهت الإمبراطورية البريطانية خطراً تمثل بمحمد المهدي وجيشه من الدراويش، لم يكن هذا الخطر متمثلاً بتكتيكات هذا الجيش ولا بالرقعة الجغرافية التي ينتشر عليها، وبالتأكيد ليس بالتسليح، فما الذي يمكن أن تفعله سيوف الدراويش وعصيهم في مواجهة مدافع مكسيم؟!
تمثل الخطر بفكرة المقاومة ذاتها وما يمكن أن تغيره بمحيطها، وإليك حديث تشارلز غوردون القديس العسكري البريطاني الذي أُوكلت إليه مهمة تصفية هذه الظاهرة قبل أن يرسله سيف أحد الدراويش إلى مستقره الأخير "ليس الخطر هو أن يسير المهدي شمالاً مخترقاً وادي حلفا، بالعكس، فمن غير المحتمل له أن يتقدم شمالاً. إن طبيعة الخطر مختلفة تماماً. يتمثل الخطر في الأثر الذي سيحدثه مشهد قوة محمدية غازية، قائمة بالقرب من حدودنا على السكان الذين نحكمهم. سيشعر المصريون في جميع المدن أن بإمكانهم فعل ما فعله المهدي، وبما أنه نجح في طرد الدخلاء والكفار، يصبح باستطاعتهم فعل ما فعله".
اليوم -وبدلاً من القوة الواحدة- لدينا عدة "قوى محمدية غازية"، وبدلاً من السيوف المعقوفة والعصي لدينا صواريخ قاسم وعياش وفجر وفاتح وطائرات أبابيل وصماد، وفكر ينتشر بأسرع من النار في الهشيم في هذا الوطن، هدفه "واضح ومحدد ودقيق".

 كاتب وباحث عراقي

أترك تعليقاً

التعليقات