القابضون على الجمر
 

كارلوس شهاب

كارلوس شهاب / لا ميديا -

جهاز مكافحة الإرهاب، الذي تسوقه الحكومة العراقية اليوم على أنه الأداة الوطنية التي تستند إليها لفرض "القانون"، هو جهاز أمريكي بنشأته، ومعظم ضباطه الحاليين والسابقين مرتبطون بها كمخبرين، وقائده الحالي متهم قبل فترة ليست ببعيدة بالتخابر مع سفارة أجنبية. والمفارقة العجيبة أن مؤسس هذا الجهاز الألمع هو رجل مليشيا الـ"بيشمركة" فاضل برواري، الذي لم ينتسب يوماً إلى المؤسسة العسكرية الرسمية.
ومع ذلك يُعمي الخطاب "الوطني" جميع المستهدفين به عن رؤية أصول هذا الجهاز كمليشيا محلية معاونة للاحتلال، بالإضافة إلى أن مفاهيم مثل "عمالة"، "تخابر"، "ارتباط"، لم تعد تحرك شيئاً في نفوس شريحة كبيرة من الشباب العراقي، وبالأخص عندما تقترن بأمريكا، فهذه الشريحة تم كيّ وعيها عبر سنين من خلال تصوير أمريكا القدر الذي لا يُزاح، ومن يقف بوجهها بغير حالة الركوع ستنكل به حتى يكون عبرةً للآخرين.
بهذا الجو تسعى الحكومة الحالية إلى إنهاك أعدائها بحرب لا يرونها، من خلال خلق رأي جمعي يجد نفسه بما تملي عليه وطنيته الزائفة يقف إلى صف "الجهاز الوطني" ضد "المليشيات ذات الولاء الخارجي " بصرف النظر عن أن الأمور هنا مقلوبة على رأسها، فإن العميل لأمريكا صار هو "الوطني" ومن يقاتل أمريكا كمحتل صار هو "العميل".
حادثة البُعثية هي حادثة صغيرة لو أخذناها لوحدها، لكن خطورتها تبرز كمقدمة لهذه الحرب غير المعلنة على السلاح الموجه ضد أمريكا. حكومة تلاحقك على أنك خارج عن "القانون"، رأي جمعي يرى فيك نقيض وطنيته الزائفة، قوى اجتماعية وروحية رفعت يدها عنك لأنها لا تريد المواجهة. هكذا يصير القابض على سلاحه في مواجهة أمريكا كالقابض على الجمر. لكن أملنا هو أن يخرجوا منصورين من هذا الظرف الحالك كما خرجوا من قبله. النصر والعزة لأبنائنا وإخوتنا المجاهدين.

*  كاتب وباحث عراقي.

أترك تعليقاً

التعليقات