أحمد الشريفي

أحمد الشريفي / لا ميديا -

في أعياد ثوراتنا التي تأتي في ظل عدوان وحصار لم نكن لننسى قضيتنا المركزية فلسطين. لقد تخاذل الجميع وباعوا فلسطين والمقدسات جهاراً نهاراً، معتقدين أن الوقت أصبح متاحاً لتصفية القضية. لكنهم لم يدركوا أنهم وقعوا في الخطأ نفسه عندما توهموا أن احتلال اليمن سيكون خلال أسبوعين، بعد أن جهزوا عدتهم وتأكدوا أن كل مقدرات اليمن قد تم رصدها وتدميرها وشراء ولاءات مشائخها وقياداتها. وهكذا الحال مع فلسطين، سينقلب السحر على الساحر وستتمكن فلسطين من إحراز انتصارات تصب في صالحها بعد أن تخلصت ممن كانوا محسوبين عليها، وهم في حقيقة الأمر يعملون لصالح "إسرائيل".
نعم، تأتي احتفالات الشعب اليمني بأعياده السبتمبرية متزامنة مع بشائر انتصارات كبيرة قد تضع نهاية للعدوان، لتكون كلمة اليمن هي الفصل في المعركة التي سيخلدها التاريخ بأنها واحدة من عجائب الحروب، حيث واجهت اليمن كل قوى الاستكبار العالمي بإمكانياتها الهائلة (مادية وتكنولوجية وتسليحية وسياسية) مقابل شعب انضم بعض أحزابه ومشائخه لصف العدوان، ودمرت كل إمكانياته العسكرية والتنموية والاقتصادية والإعلامية، ولكنه انتصر وأرغم العدوان على الخضوع، حيث ابتكر وتفنن في أساليبه القتالية والسياسية والإعلامية، ورجح كفته على أعدائه، الذين تمزقوا وذهب ريحهم وهزم جمعهم. وكانت كلمة السر في هذا الانتصار هو الإيمان بالله، وعدالة القضية، والحكمة اليمانية وتفعيل العقول اليمنية وتوحيدها أوجد الانتصار.
يعي الأمريكان والصهاينة أن بوابة انتصارهم وتصفيتهم لقضية فلسطين لا يمكن أن تنفتح واليمن في تعافٍ، ولذلك كان العدوان على اليمن تمهيدا لإنتاج وإخراج مسرحية التطبيع، بعد أن شغلوا سوريا والعراق كأهم محورين يمكن لهما تعطيل التطبيع. ورغم الألم من أنظمة التطبيع وطعناتها المتتالية في جسد الأمة العربية والإسلامية إلا أن المطبعين معروف عنهم سلفا أنهم لا يمثلون العروبة ولا صلة لهم بها، ولذا فإن نتائج مؤامراتهم قد تعيق فلسطين سياسياً، لكنها ستقويها عسكريا وهو الأهم، فالميدان هو الذي سيجر السياسة وليس العكس.
ما الذي يمكن أن يحدث بعد 2000 يوم عدوان وإعلان التطبيع؟
على المستوى اليمني سيتم استقبال من أراد النجاة من المغرر بهم وتسوية أوضاعهم، وهو ما أكده الرئيس المشاط في كلمته عشية الذكرى السادسة لثورة 21 أيلول/ سبتمبر، وذلك من خلال مؤتمر وطني عام للمصالحة يحفظ لهم بعض المصالح والامتيازات، وهي إشارة واضحة إلى أن متغيرات كبيرة ستحدث لصالح صنعاء المقاومة للعدوان، وبدء انحسار وتلاشي ما يسمى "شرعية" أو مكونات هلامية أخرى.
أما على المستوى الفلسطيني، فسيتم الإطاحة بالرئيس عباس، بتخطيط وتمويل "إسرائيلي"- إماراتي- سعودي، وكذلك اغتيال بعض قيادات المقاومة، وربما يحدث عدوان جديد، ولكن بمشاركة إماراتية- سعودية إلى جانب "إسرائيل"، كدليل على أن التطبيع أصبح عميقاً، وكحسن نية يبديها المنبطحون من عيال زايد وبني سعود تجاه "إسرائيل". لكن التوقعات وإن حدثت سترتد عليهم وستخرج فلسطين بانتصار كبير لم يكن متوقعاً، كما حدث في اليمن. وإن غداً لناظره قريب.

أترك تعليقاً

التعليقات