مأرب وحسابات الأطراف
 

أحمد الشريفي

أحمد الشريفي / لا ميديا -

هل ستكون مأرب الوجهة الأولى لأبطال الجيش واللجان الشعبية بعد الجوف؟ أم أن هناك استراتيجية أخرى سيتم اتباعها وفقا لتقديرات استراتيجية أيضا؟
لا شك أن عودة الجوف إلى حضن اليمن الكبير والمقاوم قد دق مسامير كثيرة في نعش العدوان قبل المرتزقة أنفسهم، وأن تحرير المحافظة قد غير المفاهيم والمصطلحات الإعلامية التي يتبعها الطرف الآخر، وبات وهو المدرك تماما أن سقوط الجوف قد حسم الكثير من التصورات والتوقعات، خصوصا فيما يتعلق بأحجية وفزورة الأقاليم التي حاول الأمريكان فرضها بلغة القوة بعد فشلهم بلغة الاستقطاب الموفمبيكي، وذهب ما قدموه من دعم مالي أدراج الرياح. قد يتساءل الكثير ما الخطوة القادمة بعد الجوف؟ وما هي حسابات الأطراف جميعها إذا تم تطهيرها واستعادتها؟
وقبل الإجابة ثمة معطيات وتفاعلات إعلامية تتحدث عن مأرب، سواء من قبل الناشطين المحسوبين على الوطن أم المدفوعين ضده، حيث يرى الطرف الأول ضرورة التطهير وأن القبائل الأصيلة قد قررت الانضمام للجيش واللجان وأنها لن تدافع وتسفك الدماء من أجل عيون الإخوان ومشاريعهم، فيما الطرف الآخر ملتصق بوحل الصدمة التي أفرزت إعلاما مرئيا ومسموعا وتفاعلا غير متزن، يبرر بأن الخيانة رافقتهم كما هي العادة وأنهم سيقاومون في مأرب ولن يسلموها طواعية.
وبعيدا عما يتداوله الإعلام والناشطون من كل الأطراف، فثمة حسابات يقرؤها صانعو القرار في كل المكونات، ومنها:
أولاً: حسابات الجيش واللجان، وكما هو معلوم فالجيش واللجان يتقدمون بشكل مدروس وتكتيك مترابط يأخذ كل الاعتبارات، سواء السياسية أم الإنسانية أو حتى المصالح الإقليمية. ومع كل هذا التشابك إلا أن تمتعه بالأفضلية على الأرض يعطيه فرصاً أكبر في التقدم الواثق والمبني على قضية عادلة والتفاف شعبي ومسلك حيدري خاطف. وأبرز التساؤلات التي لن يغفل عنها هي: إذا أقدمنا على تحرير مأرب، هل سيعمد العدوان لاستهداف الثروة النفطية والغازية؟ 
ويعتقد كاتب السطور بأن خمسة أعوام كانت كفيلة بإيجاد توازن الرعب والوصول إلى قلب العدوان وعواصمه، وبالتالي فإن استهداف النفط والغاز كان سيحدث لو أن الجيش واللجان أقدموا على تحرير مأرب قبل تمكنهم من صنع الصواريخ وتفعيل الدفاعات الجوية واستخدام المسيرات، وهو ما يجعل العدوان يفكر ألف مرة في مصير منشآته الاقتصادية والتنموية الحساسة إذا اعتمد على خيار قصف الثروة.
السؤال الثاني ولا يقل أهمية عن الأول: هل سقوط مارب سيخلق كيانين، شمالي جنوبي، وبالتالي تعزيز فرص الانفصال بعد خروج الشرعية فعليا وانتهاء مبررات بقائها ولو صورياً؟
وتبقى الإجابة منوطة ومتروكة للقيادة التي بلا شك تسير وحتى اللحظة بقدرة عقلية فائقة أذهلت العالم، وبروح ومسؤولية وطنية أكسبتها الاحترام والإجلال داخليا وخارجيا.
هل دخول مأرب قد يحسم شبوة بسرعة فائقة تفرمل المنتظرين لسقوط مأرب عن فرصة تحقيق التقسيم على أساس شمال وجنوب، وفي مقدمتهم الإمارات؟
 ثانيا: حسابات الطرف الآخر، وهو المعروف بأنه مسلوب الإرادة والقرار بعد أن ارتمى في حضن عدو اليمن التاريخي، وليس أمامه غير الانقسام مجددا بين دعوة قطر على اعتقاد أنها تحظى ببعض الاحترام لدى أنصار الله من أجل إيقاف إحراق آخر أوراقهم، وبين الانتحار وإعلان قتالهم للجيش واللجان كما تريد السعودية بعد سقوط الجوف التي تشكل خطورة من الناحية الحدودية لها، وبالتالي ستعمد للانتقام من الإخوان عبر دفعهم للمواجهة وحينها ليس بمقدورها إنقاذهم من مصيرهم المحتوم كما حاولت في السابق وباءت بالفشل.
أما الإمارات وإن كانت تحلم بالتقسيم وإعادة اليمن إلى ما قبل مايو 1990 وحرمان اليمن من العمق الاستراتيجي الكبير الذي سيكون عاملاً مساعداً في إبقاء اليمن قويا ومؤثرا في المنطقة، فإنها (أبوظبي) ترى ضرورة التخلص من الإخوان للسبب السابق وتسجيل هدف آخر ضد قطر. والمطلبان هما سعودي إماراتي بالأهمية ذاتها وبالمستوى نفسه، ما يعني أن على الإخوان إن كانوا يعقلون فتح صفحة جديدة مع صنعاء واغتنام فرصة المصالحة وقرار العفو قبل فوات الأوان. وباعتقادي الشخصي هذا لن يحدث، نظرا للتجارب السابقة التي مر بها تنظيم الإخوان ولم يتعظ وكانت النتيجة مدوية في حقه.

أترك تعليقاً

التعليقات