عن اتفاق العدوان والاحتلال..
 

أحمد الشريفي

أحمد الشريفي / لا ميديا -

هل ستقبل صنعاء التفاوض مجددا مع مرتزقة العدوان، بعد أن أصبحت قوة تناطح دول المنطقة وليس العدوان وحسب؟ وهل المفاوضات السرية بين صنعاء والرياض تتقاطع مع اتفاق الرياض؟
ما هو تأثير الاتفاق ومغزاه وكيف تنظر له كل الأطراف؟
لماذا يتم التمويه على دور غريفيتث ولم يعد يعلم ما يجري بين حكومة صنعاء وحكومات العدوان؟ ولماذا اقتصر دوره على ملفي الحديدة والأسرى فقط؟
هل لزيارة خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع السعودي المفاجئة لمسقط خيوط مشتركة مع مفاوضات وقف العدوان أم أنها لتفاهمات حول المهرة؟ لماذا لم تكن الزيارة بزي دبلوماسي وإنما عسكري؟
غالبا ما يكون اللعب والتعاطي مع القضايا السياسية الكبيرة بعيداً عن الضجيج الإعلامي، فالإعلام دوره في مثل هكذا محادثات أو مخططات مناقشة القشرة الخارجية إن لم يكن تغيير موضوع النقاش؛ وهو ما حدث ويحدث مع اتفاق الرياض الذي عقد بين مرتزقة العدوان والاحتلال. لقد تطوع الإعلام في نشر البنود المعلنة وتكفل بالضجيج تحليلا ومناقشة ليرفع من أهمية الاتفاق المعدوم الأهمية بهدف تمرير مخطط علني هو الظهور بمظهر المصلح بين اليمنيين، خصوصاً مع اقتراب موعد الاستحقاق الكبير وهو التفاوض مع الجيش واللجان، وثانياً لتجسيد الفرقة والشتات فعليا على الأرض وإدخال اليمن مرحلة التقسيم كما يتوهمون.
قد نتساءل بعد أسبوع من اتفاق الرياض: إذا كانت هذه استراتيجية العدوان من الاتفاق، كيف يمكن للمرتزقة بشقيهم السعودي والإماراتي الاستفادة منه؟ مع تأكيدنا بأن الاستحقاق الأكبر والذي سيمرغ أنف العدوان في تفاصيله قادم، وبدأت المشاورات الجدية في إيجاده كواقع على الأرض.
يمكن استعراض بعض الفوائد الآنية لطرفي المرتزقة (انتقالي وما يسمى بحكومة المرتزقة) وقبلهما النظرة الإماراتية التي تراجع سقف طموحها من احتلال مباشر لليمن وموانئه إلى تنصيب كيان يزاحم الإخوان المسلمين في حكومة المرتزقة ويكون له دور في المفاوضات مع المجلس السياسي. وبذلك الطموح المتدني تأمن تعطيل المفاوضات أو دور المسمى شرعية إذا اتجهت نحو نبش ملفات الإمارات الدموية والإرهابية في اليمن.
أما المجلس الانتقالي فحضوره في أي مفاوضات خارجية وانتزاع مبدأ المناصفة وخروج الألوية المتبقية من محافظات شبوة وحضرموت يعتبرها انتصاراً يساعد في إيجاد حلم ضائع لا أساس له في العقل والدين والواقع، وعدم معرفته بأن ما قبل العدوان ليس كما بعده، وما لم يأت بالقوة والتحالف الأمريكي العالمي على اليمن لا يمكن أن يقبل به اليمنيون بالدبلوماسية وبشخطة قلم.
أما الحكومة العميلة فترى في الاتفاق بداية لتعطيل الدور الإماراتي وإعطاء الرياض القيادة، وبالتالي ستحتوي المجلس الانتقالي وتضربه سياسياً. كما يتيح لها إزاحة منافس لها في الساحل دخل على الخط من بوابة ديسمبر وهو معها في المنفى ويتصارعان على تقديم الطاعة للعدوان فكان ضرة للإخوان، وبعدها لا أفق لهم ولا يعرفون ما الذي سيحدث.
قد يبدو الحديث حول جماعات العمالة بلا أهمية، لاسيما بعد أن انتقل مفهوم ما يحدث في اليمن من صراع داخلي إلى عدوان همجي استهدف الأرض والإنسان والهوية وله قفازات داخلية أثبتت فشلها بين أبناء اليمن وقبائله ويعبر عنهم سياسيا المجلس السياسي وعسكريا الجيش واللجان الشعبية، وبالتالي فقد تجاوز اليمن اللعب مع صغار المرتزقة وبدأ مناطحة دول العدوان نفسها وهي ذاتها من ستتعامل مع من هو في مستواها من التكافؤ، وهو الطرف المواجه لها.
فهل يمكن القول إن اتفاق الرياض الغرض منه إيجاد تشكيلة نهائية تكون بمثابة كومبارس حال التفاوض مع المجلس السياسي الأعلى؟ وهل سيقبل المجلس السياسي وحكومة صنعاء الجلوس مع المرتزقة وتضييع الوقت بعد أن تغيرت المعادلة وأصبحوا هم الأقوى وصوتهم هو المسموع، سواء على المستوى العسكري أو السياسي أو على مستوى دول العدوان ذاتها؟
إذا انطلقنا من فرضية الرفض المنطقية، فإنه واستنادا إلى ما نشر من معلومات حول تفاهمات سعودية يمنية في باكستان فإن اتفاق الرياض لا قيمة له سوى إعطاء الإعلام مادة قابلة للجدل يتوه معها الشارع، بما فيهم المرتزقة أنفسهم، فيما الأمور الكبيرة تجري تحت سرية تامة. وهناك رسائل قوية ومؤشرات على قوتها، منها على سبيل المثال قيام حكومة صنعاء بفرد عضلاتها السياسية من خلال مهرجان المولد النبوي واستعراض إمكانياتها المخابراتية من خلال معرفتها بمحاولة دخول الكيان الصهيوني ساحة الحرب والعدوان بشكل مباشر، بالإضافة إلى الرد على تلك المعلومات بالكشف عن إمكانية إعلان الجهاد ضد العدو "الإسرائيلي" وتلقينه دروساً مؤلمة، وهي نقاط جديدة اكتسبها اليمنيون على هامش المباحثات السرية.
ما هو دور الأمم المتحدة؟ وهل ذهاب نائب وزير الدفاع السعودي إلى مسقط له علاقة بالمباحثات السرية؟
لا شك أن الأمم المتحدة اقتصر دورها في مسالة اتفاق الحديدة والأسرى، وقد فشلت في هذين الملفين، وإن بدأ تقدم ملحوظ بعض الشيء في تثبيت وقف إطلاق النار، لكن على المستوى الكلي والمجمل والعنوان الكبير اليمن والعدوان فكل يوم يبتعد عن الأمم المتحدة ويظهر للمتابع بأن المبعوث الأممي غريفيتث وزياراته المتكررة لصنعاء هو لمحاولة فهم ما الذي يجري بين اليمن والإقليم من تفاهمات، خصوصا مع دول العدوان. ولم يفهم حتى اللحظة شيئاً، فصنعاء تتكتم عن أي جديد خشية المساهمة في عرقلته من قبل الأمم المتحدة الطامحة في بقاء الحرب لاستمرار تدفق الأموال تحت مسمى المساعدات. وحتى اللحظة لا تسريبات عن التفاهمات ومضامينها، مع الفارق في أن الشارع اليمني يعلم أنه لا يمكن أن تتزحزح مبادئ صنعاء فيما يخص وقف العدوان والوحدة اليمنية ورفع الوصاية، كخيارات دفع اليمنيون ومازالوا ولديهم الرغبة في دفع كل التكاليف من القتل والدمار والحصار مقابل عدم التفريط بها، وماعدا ذلك يمكن التحاور فيه -هكذا هي قناعة الشارع بالمفاوض اليمني.
ماذا عن زيارة خالد بن سلمان لمسقط وبشكل مفاجئ؟
يمكن القول حتى اللحظة إن الملفات كثيرة وأهمها التوسط لدى الأنصار فيما يتعلق بمواضيع وتفاهمات ببعض الملفات، كالتعويضات مثلاً أو وجهات نظر تحتاجها الرياض بعد ثبات نظرة مسقط العقلانية وعدم دخولها في المستنقع اليمني، أو أنها تأتي في إطار التوترات السعودية العمانية في المهرة ومحاولة الطرفين التأثير فيها والإجابة عن وضعها في حال انتهى العدوان. والملفت أن الغرور السعودي موجود، بدليل الزيارة التي تحمل أبعاداً عسكرية يمكن استنتاجها من خلال الصفة التي يحملها خالد بن سلمان، فالوفد ينتمي إلى لغة القوة وليس الدبلوماسية.
وأياً تكن المستجدات، فكل الطرق تؤدي إلى ميلاد النصر اليماني الكبير.

أترك تعليقاً

التعليقات