كورونا إعادة صياغة العالم
 

أحمد الشريفي

أحمد الشريفي / #لا_ميديا -

المعروف أن هناك عداء علنياً وخفياً بين واشنطن وبكين، بسبب مخاوف الأولى من تصاعد النمو الاقتصادي والتكنولوجي والعسكري للأخرى بالقدر الذي يفوق واشنطن وتتصدر بكين قيادة العالم.
بدأ العداء العلني منذ تولي ترامب مقاليد حكم الولايات المتحدة، وتراشق الطرفين بالعقوبات والإعلام. وخلال العام 2019 حاولت واشنطن إغلاق باب المندب ومضيق هرمز، وإيجاد صراع يعيق تدفق النفط القادم من الخليج إلى الصين، غير أن الرياح جرت بما لا تشتهي سفن واشنطن، ولم يكن أمام أمريكا سوى استخدام السلاح المحرم دوليا كما استخدمته في حروبها سابقاً، كقصف مدينتي هيروشيما وناجازاكي بقنبلتين ذرييتين، في سابقة تعد الأخطر في تاريخ البشرية ودليل واضح وجلي للإجرام الأمريكي.
اليوم أمريكا تواجه التنين الصيني الصاعد بقوة، ومعه تحالف دولي يمكنه من إعادة صياغة العالم بمفاهيم ورؤى وقوانين جديدة، وهو ما جعل واشنطن في تقدير الكثير تلجأ إلى استخدام السلاح البيولوجي وتعزل الصين بادئ الأمر عن العالم... فما الذي حدث؟ ولماذا أصيبت أمريكا بالداء ذاته؟ وهل هناك خفايا وأسرار غير ما نعرفه من خلال الإعلام وتحليلات الخبراء؟
الغوص في أعماق التفاصيل ليست مهمة سهلة، لكنها ليست مستحيلة أيضاً، فخيوط الأحداث متنوعة وتجميعها يقود إلى النتيجة. كيف؟
مع تسليمنا المبدئي بأن فيروس كورونا معدل وراثيا ومن إنتاج المخابرات، بالإضافة إلى حقيقة الصراع الأمريكي الصيني، ثمة تصىريحات لم يتوقف الكثيرون حولها أو يشرحون أبعادها، ربما لأنها جاءت في سياق الحديث الأكبر: الصين تغرق، فمن الفاعل؟
بعد أن تفشى فيروس كورونا التزمت بكين الصمت وعملت بكل طاقاتها لكبح جماح الفيروس. وبشكل مذهل استطاعت وقف انتشاره والسيطرة على مكان البؤرة ونواة العدوى، في ووهان الصينية. وكانت التقارير تشير إلى أن هناك انتقالاً للفيروس من الصين إلى العراق فإيران فلبنان، وكأن الفاعل يريد القول بأن كل من يقف ضد سياستنا مستهدف بهدوء ممزوج بالهلع ويموت ببطء. وإذا كان الانتشار بداية في هذه الدول يثبت أن لواشنطن يداً في ذلك، فإن تساؤلات العالم ستقض مضاجع أمريكا، ما يستدعي تنفيذ بقية السيناريو، وهو إغراق أوروبا (القارة العجوز) في المرض، فهي أيضاً يجب أن تتوقف ككتلة عالمية موحدة قد تشكل خطرا كالصين ولو على المدى البعيد.
عقب نجاحها في تطويق الفيروس بدأت الصين تتهم واشنطن بشكل صريح، وعبر وزير خارجيتها، لكنها أكدت في الوقت ذاته أن الفيروس تطور وأصبح خطره أكبر. وهي رسالة بأن الرد سيكون بالأداة ذاتها، مع تطوير التركيبات وتغيير في الجينات الفيروسية، ليصبح أكثر وأسرع فتكاً.
من جهتها بدأت واشنطن تعلن عن اكتشاف حالات في أمريكا، لدرء الشبهة، ولكن هذه الحالات تطورت وربما ساهم الرد الصيني في انتشارها بشكل أعنف.
لمن الغلبة؟
مدى انتشار فيروس كورونا وخطورته هو ما سيحدد حجم الكبار في العالم، وأكثر الدول حرفية في التعامل معه وهزيمته هي التي ستقود العالم، إن لم تساهم في وضع أهم بنوده وطرق إنشائه وتثبيته كنظام عالمي جديد. وهذا هو السبب في استخدام الصين للتكنولوجيا في مواجهة الفيروس وعرض عضلاتها بالشكل الذي أذهل العالم وأقر لها بالعظمة والريادة، فيما أمريكا تحضر لمفاجآتها التي ربما ستكون باكتشاف الدواء وأشياء أخرى، ولكن بعد أن تثبت للآخرين أنها واحدة من الدول المستهدفة أيضاً.
نتائج الصراع الأولية:
تتصدر الصين حاليا قائمة الدول في محاصرة فيروس كورونا، متفوقة على البقية، وستستعيد عافيتها بشكل أكبر، خصوصا مع هبوط سعر النفط إلى ما دون 50 دولاراً للبرميل. أما واشنطن فما زال أمامها شهور قليلة لتثبت محافظتها على اللقب أو الخسارة وهي الأرجح.
وبالنسبة لموسكو فهي الأخرى تريد استعراض قوتها من خلال محاولة اكتشاف ماهية الفيروس وتفاصيل تركيبته، بل وأخذ صور له، بالإضافة إلى اكتشاف العلاج بشكل أسرع، كي تتمكن من المنافسة، بينما أوروبا ستكون الخاسر الأكبر، وربما خروج بريطانيا كان تكتيكاً أولياً للهروب من الخسارة، لكنها ستغرق، ولن تكون الكارزمية البريطانية قبل كورونا هي ذاتها بعد كورونا!
أما إقليمياً فقد بينت المرحلة الأولى خروج تركيا والسعودية من أي دور حيوي، ووحده الصمود اليمني وخلو اليمن من الفيروس من سيضمن لها التربع إقليميا ومواجهة "إسرائيل"، المستفيد الأول حتى الآن. والله متم نوره ولو كره الكافرون.

أترك تعليقاً

التعليقات