أوهام الغزاة
 

أحمد الشريفي

أحمد الشريفي / لا ميديا -

لا شك أن ارتفاع وتيرة استهداف المدنيين والأطفال هذه الأيام من قبل تحالف العدوان، وبشكل وحشي وممنهج، هو واحد من الأساليب والضغوطات على سلطة المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ، لإيقاف التقدم صوب مدينة مأرب، وذلك بعد تمكن الجيش واللجان الشعبية من تطويقها استعداداً للاقتحام، إذ إن تحرير مأرب يعد انتصاراً تاريخياً يسلب ما يسمى "الشرعية" قوتها الاقتصادية ويحرقها سياسياً ودولياً، لكون مأرب آخر معاقل شماعة "الشرعية" على الأرض. كما أن عودة مأرب لا تعني عودة المرتبات والنفط وحسب بل تفتح الطريق نحو تحرير المدن الواقعة تحت سيطرة الاحتلال في جنوب وشرق الوطن، وتفشل مؤامرة التقسيم، الهدف الذي من أجله حشد التحالف الأمريكي-الصهيوني قواه وشن عدوانه الغاشم لتحقيق هذا الهدف.
ولذا تسعى قوى العدوان جاهدة لعرقلة تطهير مأرب بأي ثمن وبأي لغة. وتعتقد أن احتجاز السفن النفطية والغذائية وفتح جبهة الحديدة بشكل أكبر وقصف المدنيين سيوقف الزحف، أو يوقف التفكير بتحريرها، وهذه أضغاث أحلام وأوهام، إذ إن هذه التصرفات تزيد المطالب الشعبية بضرورة التسريع في إعادة مأرب إلى حضن الدولة. نعم، تطويق مأرب يرافقه ارتياح شعبي واسع، وفي المقدمة منهم قبائل مأرب الشرفاء، والذين تم إيفادهم كوسطاء بين الجيش واللجان وبين المرتزقة ورأوا كيف أن قوات هادي والإصلاح رفضت تجنيب مأرب الاقتتال من خلال تنفيذ مطالب صنعاء بفك الطرقات وعدم التقطعات للمسافرين وإعادة التيار الكهربائي واعتبار الغاز والنفط ثروة قومية يستفيد منها كل اليمنيين، بالإضافة إلى صرف المرتبات وإطلاق الأسرى، وهي مطالب منطقية ومشروعة، لكنها قوبلت بالرفض وإصرار الرياض المتحكمة في القرار على عدم قبول المفاوضات، ووعد الإصلاح وجماعة هادي بالقتال معهم لصد الجيش واللجان ومنعهم من الدخول، ما جعل القبائل تعتذر لحكومة الإنقاذ وتبلغها بأن الجانب السعودي قد ضغط على الإصلاح ومن معه لعدم قبول المفاوضات والوساطات، معتقدين أن بإمكان المملكة السعودية الدفاع عنهم، وهم يعرفون أنها أضعف من ذلك، وما حدث في الجوف وغيرها خير دليل.
هذه القبائل وغيرها ممن استفزتهم جماعة الإصلاح (الإخوان المسلمين في اليمن) باستهداف آل سبيعيان بشكل وحشي وبأسلوب داعشي، أو من يعايشون تسلط الإصلاح ووحشية العدوان في قصف منازل المواطنين، انضموا إلى صفوف الجيش واللجان الشعبية لتحرير مأرب في عملية تجري بوتيرة عالية، وستنتهي ربما في الأيام القليلة القادمة، بحسب تصريحات المسؤولين في حكومة الإنقاذ.
نعم استهداف المدنيين الآمنين من النساء والأطفال بشكل مروع هي سياسة ينتهجها العدوان مع سبق الإصرار والترصد، ويعتقد أنه من خلالها سيبث الرعب ويلوي ذراع الجيش واللجان، أو أنه قد يوقف استهداف الأماكن الحيوية العسكرية الحساسة في المملكة، وهي سياسة لا تعطي أكلها مع الشعب اليمني، الذي يزداد غضبا وينفر إلى الجبهات ليأخذ الثأر والقصاص من أولئك القتلة المرعوبين من المستقبل المعتم ومن المفاجآت التي يخبئها لهم الجيش اليمني ولجانه الشعبية، ولا غرابة أن يدفعهم هذا الخوف والقلق إلى ارتكاب مجازر في المدن السعودية نفسها، لعل العالم الذي يسندهم بالسلاح والموقف والدعم اللوجستي يضاعف اهتمامه بهم، ولكن ضعف الطالب والمطلوب، وإن غداً لناظره قريب.

أترك تعليقاً

التعليقات