إجهاض الاستقرار
 

أحمد الشريفي

أحمد الشريفي / لا ميديا -

ما وراء إرسال واشنطن قوات إلى المنطقة؟ وهل سيغير ذلك من واقع ونتائج الصراع في المنطقة؟ كيف يتم التلاعب بالسعودية واستنزافها عبر تغريدات تويترية؟ وما الذي يمكن للتاريخ أن يدونه في حالة الانحطاط الذي وصلت إليه بعض دول الخليج للحد الذي جعلها تطلق النار على نفسها؟ 
تحاول واشنطن بكل الطرق وبشتى الوسائل وأد أية محاولة للسلام والاستقرار في المنطقة، وكلما أدت الأحداث والتفاعلات الإقليمية والدولية إلى فتح طريق يوصل للتهدئة، سارعت واشنطن بإغلاقها، تبدأ بالتخريب السياسي، ثم تشعل فتيل الصراعات والحروب، والهدف من ذلك لم يعد خافيا، خصوصا مع تصريحات دونالد ترامب واعترافاته بشكل متكرر وعلني بأنه يسعى إلى حلب أنظمة في المنطقة وابتزازها، بل السخرية منها، وقد وجد ضالته، فهو لا ينتهي من كتابة تغريدة في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، فضلا عن كتابة مذكرة، حتى تأتيه الردود الرسمية لأنظمة الخوف والخرف السعودي ـ الإماراتي بالتودد والإذعان، ممهورة بملايين الدولارات تحت مسميات لا حصر لها.
وهنا لا تكمن المشكلة بالنسبة لأمريكا، وإنما في تلك الأنظمة التي لا تعي أن استهدافها سيستمر، وستذل كلما تقدمت خطوة وتقربت أكثر لزعماء الغرب الطامع في تغيير المنطقة برمتها من خلال تفتيتها وتدجينها للقبول بـ»صفقة القرن» و»شرق أوسط جديد» تكون إسرائيل الدولة الكبرى والأقوى فيه.
ما يلفت الانتباه أن مؤشرات تقارب بين إيران والسعودية ووصول الأخيرة إلى قناعة باستحالة الانتصار على الأولى، لم تكد تظهر هذه التقاربات إلى العلن حتى سارعت واشنطن.
 في الإعلان عن إرسالها أكثر من ١٣٠٠٠ جندي للمنطقة مدججة بالأسلحة والمعدات التي ستسهم -حسب زعمها- في حماية المملكة التي يريدونها أن تهلك حلبا ثم ذبحا، وهي بتلك الخطوة تعيد التوتر وترفع مستوياته مجددا. 
الردود السياسية حتى اللحظة كانت متفقة في أن الهدف إعادة تدوير مفهوم إيران كعدو وبعبع يستعد لاجتياح دول تعتبرها واشنطن قاصرة وتحت الوصاية، ومسؤوليتها حمايتها وحلبها عبر شبح تخلقه واشنطن وترغم الرياض وأبوظبي للتعامل معه وفقا لما تراه أمريكا.
لقد وصل الانحطاط بالدول النفطية إلى مرحلة أن يتلاعب بها ترامب بتغريدات تويترية، واذلالها واستنزاف مقدراتها.
إن إشعال جذوة الصراع وتأجيجه في المنطقة عبر الفوضى أو استمرار العدوان على اليمن وسورية أو إرسال مجاميع من الجيش الأمريكي للمنطقة، لن يغير من خارطة الواقع أو يؤجل من انتصار محور المقاومة الذي بات قاب قوسين أو أدنى وإنما يسهم في كتابة تاريخ لأنظمة المملكة وأبوظبي مليء بالسخرية، حيث يقول في سطوره كلما غرد ترامب ساخرا منهم، سارعوا في تسليمه مفاتيح كرامتهم، فاستباحها، ثم تركهم لمزبلة التاريخ.

أترك تعليقاً

التعليقات