تركيا: ترميم الهزيمة
 

أحمد الشريفي

أحمد الشريفي / لا ميديا -

عندما تتسيد الميتافيزيقا عقول دول العدوان فإنها لا ترى أياً من الجدران التي تتشكل تباعا في محيطها، فتصبح رهينة واقع شُكل من سواعد شهداء الجيش واللجان الشعبية. دول هي في خانة "اليك"، وميدان تغيرت موازينه لصالح قضية شعب محقة. غير أن الميتافيزيقا المحتلة لأدمغتهم تراهن على استرجاع زمام المبادرة التي انتزعت منهم سياسيا وعسكريا، كيف؟ التغييرات الجيوسياسية ومحاولة اللعب بأوراق جديدة غير مستهلكة لإركاع شعب اليمن لن تكون سوى عبء جديد وإضافي تتحمله دول التحالف القديمة ومن هي في طور التشكيل، كما أنها لن تكون سوى دليل ملموس على أن اليمن العظيم في طريقه لتغيير أدوات الشيطان الأكبر في المنطقة.
إن محاولة تصنيف أنصار الله كجماعة إرهابية من قبل أم الإرهاب ورأس الكفر، بالتزامن مع الترويج لإمكانية دخول الأتراك على خط معركة اليمن، توحي بأن الفصل الأخير من فصول العدوان بدأ يدخل حيز التنفيذ، كفرصة أخيرة لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، ولو استدعى الأمر تحالفاً سعودياً إخوانياً تركياً بقيادة أمريكية مباشرة، وهنا تتساقط الأقنعة كحال أي مسلسل تكشف حلقاته الأخيرة عن الوجوه كما هي وتفرز وفقا لفريقي الخير والشر.
قد يتساءل البعض: هل يمكن أن تتفق أنقرة مع الرياض؟! والجواب: لم لا؟ فالأجندة الكبيرة التي رُسمت وحاول الأمريكان تنفيذها عبر أدوات محلية ثم إقليمية فشلت، ويتطلب كشف الحقيقة المتمثلة في أن نظام أنقرة ونظام الرياض هما أداتان في يد الصهيونية العالمية، وتقتضي مصلحتها إعادة ترتيب الخصومات بما يتناسب وتنفيذ أجندتها في المنطقة بعيدا عن الشعارات وخلق الصراعات بين الأدوات لغرض معين.
لقد شكل صمود اليمن علامة فارقة في تغيير المنطقة، وإن لم تظهر للسطح حتى الآن. والمسارعة في إيجاد طريقة ما لترميم هزيمة الكبار هي استباق وتموضع قبل الانتقال للنظام العالمي الجديد، وهو نظام فرضته المقاومة ودول الممانعة في المنطقة، وساهمت لعبة كورونا المرتدة على واشنطن في تعجيل ولادته.
ثمة حقائق عن اليمن يعرفها الأتراك، وهي أنها مقبرة الغزاة، وأن محاولة احتلالها ليست سهلة أو بدراما تنتجها أنقرة لتحسين صورتها التاريخية وطمس جرائمها بدءاً بالأرمن وانتهاء بالقاهرة. لذلك ومن باب نفخ المعنويات كان لا بد لتركيا أن تنتصر في ليبيا بأيام معدودة، ظنا منها أن ذلك يعطيها الانتصار في الحرب النفسية والتي غالبا ما تسبق الحروب والاشتباكات المباشرة. غير أن الواقع يبقى واقعا، ولن يكون الأتراك أو التدخل الأمريكي المباشر أشد ضراوة تنكيلا من سنوات العدوان الخمس، وكان الداخل رأس حربتها، ولم نكن نملك المُسيّرات والباليستيات وغيرها من التكاتف والصمود الداخلي كما هو حالنا اليوم.
الإصرار على اللعب بأدوات جديدة لن يكون سوى مغامرة فاشلة ومحاولة لترميم هزيمة مدوية لم يعد ينكرها إلا جاهل وأعمى كأبناء سعود وعيال زايد وغلمانهما وحريمهما من الدنابيع والإخوان.

أترك تعليقاً

التعليقات