صراع المحمدين في مملكة بني سعود
 

مصطفى المغربي

لقاء بن سلمان ولي ولي العهد السعودي، مع الصحفي داوود الشريان، الذي تناقلته كافة القنوات التابعة للإعلام السعودي، وعلى نحو غير مسبوق، غلب عليه الحديث عن الشأن الداخلي، كما تحدث بإيجاز على المستوى الدولي برسائل محددة تقتصر فقط على الشأن اليمني والخلافات مع مصر والعلاقة العدائية مع إيران، وهنا نورد لكم رؤيتنا الشخصية لما خلف هذا اللقاء، وبإيجاز، كما يلي:
أولاً: على المستوى المحلي (الداخلي) للمملكة:
١- هدف بن سلمان من اللقاء الصحفي إلى تهدئة الشارع العام في المملكة نتيجة ارتفاع نسبة البطالة المعترف بها بنسبة ١١%، وتفشي الفقر بنسبة تصل إلى ٣٠% من الشعب، وذلك من خلال حديثه عن حساب المواطن ومشاريع الإسكان المجاني بمئات الآلاف والإسكان المدفوع للملايين طويل الأمد.
٢- محاولة إظهار بن سلمان نفسه كمنقذ للمملكة، مبقياً على ولي العهد (بن نائف) خلف الكواليس كأمير غير كفء لتولي الحكم مستقبلاً، على عكس بن سلمان الذي حاول إظهار نفسه كمفكر وحامل لاستراتيجيات لم يسبقه إليها أحد في المملكة، ويتبين ذلك من خلال حديثه ضاحكاً عن عدم وجود استراتيجيات سابقة في استثمار المملكة بالطيران المدني، وبالتالي يكون من وجهة نظره بظهوره هذا قد وجه صفعة مدوية لولي العهد بن نائف.
٣- هدف بن سلمان من المقابلة للترويج لخصخصة (أرامكو) تحت بند صندوق الاستثمار الحكومي، محاولاً تخفيف مخاوف الشعب من هذا الإجراء الذي يراه الكثيرون تهوراً وتعدياً على ممتلكات الشعب، وذلك من خلال حديثه بأن عوائد حصص البيع لصندوق الاستثمار الحكومي، كما أكد بن سلمان أن المملكة لا تعمل كنظام اشتراكي، وأن سياسة خصخصة القطاع الصحي (المستشفيات) وقطاع الأشغال أصبحت حتمية، والعمل جارٍ كما هو في أكبر دول العالم، حسب قوله.
ثانياً: على المستوى الدولي:
حمل حديث الأمير المهفوف بن سلمان 3 رسائل تمثلت في:
الرسالة الأولى: رغبة النظام السعودي في وقف الحرب على اليمن، ولكن بشروط المملكة، حيث أشار بن سلمان إلى أن المملكة لم يكن لها خيار في حربها على اليمن، فالانقلاب - حسب قوله - هدد المملكة وطريق التجارة في البحر الأحمر وباب المندب، مستدركاً بأن تحالف السعودية نجح في اليمن بسيطرة الشرعية على نسبة ٨٥% من الأراضي اليمنية، وبقوله هذا يكون بن سلمان قد رفع الغطاء عما كان يسوقه تحالف العدوان من مزاعم إعادة الشرعية في حربه على اليمن، وذلك بإقراره أن حرب المملكة في اليمن هي حرب دولة ضد دولة، وهو نوع من التلميع له ولأبيه، بتبرير خسائر السعودية في حربها على اليمن، أمام الداخل السعودي، وليس على المستوى الدولي.
كما أن بن سلمان لم يرد الحديث عن الشأن الخارجي بإسهاب، ويتبين ذلك من خلال اقتضاب الحوار بهذا الشأن، كما أبدى غضباً عند سؤال الصحفي داوود الشريان له لماذا المناطق التي تحت سيطرة الانقلابيين مستقرة وآمنة، بخلاف عدن وتعز اللتين تسيطر عليهما الشرعية؟
حيث أجاب بابتسامة عليها الغضب: (مصادرك!)، ولسان حاله يقول من أين جئت بهذا يا داوود، وكأنه يستنكر السؤال وليس ما ورد بالسؤال لعدم الاتفاق عليه سلفاً!
الأهم في كل ذلك، وبشكل غير مسبوق، عدم حديث بن سلمان عن إيران في اليمن، وعن عزم السعودية مواصلة اجتثاث جماعة (الحوثيين وصالح) كما هو حديثه دائماً.. حيث اقتصر على محاولة تغطية الفشل باليمن من خلال عنتريته بزعمه قدرة الجيش السعودي بالقضاء على صالح والحوثي في أيام..! ولكن - حسب قوله - لا يريدون عزاء في جميع أرجاء المملكة، لأن الألوف من الجنود السعوديين سيقضى عليهم.
العجيب والمثير أن بن سلمان تحدث عن السلام وعن الرئيس السابق صالح، بعد سؤاله لماذا لم تلتقفوا يد علي عبدالله صالح الطالبة للسلام في بداية الأمر؟ مجيباً أن الحوثيين في ذاك الوقت كانوا يتمددون في المحافظات ووصلوا إلى عدن..! ويفهم من ذلك توقف النظام السعودي في اليمن عند هذا الحد، فدعواتها للسلام أصبحت واضحة، خاصة أن بن سلمان ختم حديثه عن اليمن برسالة مبطنة وواضحة لقوى صنعاء، بقوله: (إن المملكة فاتحة خطوطاً مع الجميع في اليمن)، مشيراً بذلك ضمناً إلى قوى صنعاء، كما حاول بن سلمان خطب ود علي عبدالله صالح، حيث أكد جازماً أن موقفه سيكون مختلفاً إذا كان في مكان آخر، وليس تحت يد الحوثيين، محاولاً بذلك خلق العذر لصالح بتحالفه مع الحوثيين، خاصة وقد أشار لما يروج له إعلامياً من خلاف له مع الحوثيين، وهو الأمر الذي يعد استعطافاً لجانب صالح تمهيداً لقدوم ولد الشيخ، كما يستشف من ذلك رغبة السعودية في وقف الحرب وإحلال السلام، خاصة في جبهات الحدود، ولكن بشرط عدم إظهارها في مظهر الخاسرة للحرب.
الرسالة الثانية: نفي الخلافات مع النظام المصري، وأن ما يتم تداوله في هذا الشأن هو من صنع وترويج الإخوان الذين أشار إليهم بلفظ (الخونجية)، مبيناً العداء العلني للإخوان وبشكل واضح.
الرسالة الثالثة: عدم وجود أي مؤشرات لإمكانية إجراء مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع إيران.. ويتبين ذلك من خلال حديث بن سلمان في هذا الجانب من منطلق طائفي عدائي صرف وهاجس تهديد محتم وخطر إيراني محدق لن يتوقف إلا بوصولها إلى الحرمين، حسب قوله.

أترك تعليقاً

التعليقات