700 يوم من العدوان
 

مصطفى المغربي

لقد مر أكثر من 700 يوم منذ بدأت عاصفة التكبر والتغطرس والطغيان في 26 مارس 2015م، ولكن هل حققت مهلكة الشر أهدافها المعلنة وغير المعلنة، ومنها مزاعم إعادة الشرعية وتحرير اليمنيين من النفوذ الإيراني وتأمين العيش الكريم لهم..؟ فقد أعلنت المهلكة بعد 3 أسابيع فقط على إطلاقها عاصفتها، عن تدمير القوى الدفاعية والصاروخية اليمنية، كما أعلنت عزمها دخول صنعاء منذ عام و10 أشهر، تارة من مأرب، وتارة عبر صعدة، وأخرى من تعز، ولكنها فشلت فشلاً ذريعاً في ذلك، بل على العكس استطاع الجيش اليمني تطوير قوته الصاروخية، وأصبحت هذه القوة الباليستية تذهب بعيداً، حيث وصلت الرياض، ولازالت تدوي وتستهدف تجمعات مرتزقة تحالف الشر العسكرية، بعد أن عصفت بهم في صحن الجن (مأرب) وشعاب الجن (ذوباب)، بل امتدت هذه القوة الصاروخية بنوع آخر لتطال بوارجهم الحربية في البحر، في تطور أرعب هذا التحالف، ودفع به لاستقدام الأمريكان للظهور بشكل علني، بعد أن كان يساند التحالف متخفياً، ويظهر ذلك جلياً في وصول (يو إس إس كول) الأمريكية مؤخراً إلى باب المندب، ناهيكم عن ضربات الجيش اليمني لمعسكرات في عمق المهلكة، ومنها قاعدة خميس مشيط ومعسكرات ومواقع عسكرية في نجران وجيزان، وأخيراً مطار أبها ومحطة كهرباء شقيق جيزان، وجميعها تصيب أهدافها بدقة.
إن الحقيقة الواضحة للعلن وحتى الآن هي عجز تحالف الشر عن دخول صنعاء، ويتساقط مرتزقته على بعد مئات الكيلومترات من بوابة صنعاء الشرقية في جبال وصخور مديرية نهم التي ترتوي بدمائهم حتى اللحظة، وهو ما دفع بهم لمحاولة الزحف نحو الساحل الغربي، فكانت القوة الصاروخية لهم بالمرصاد، فبعثرت معسكرات تجمعاتهم المستحدثة، كضربة زقر الأخيرة  التي أودت بهم إلى سقر، وها هم قادة المرتزقة يتساقطون، على رأسهم نائب رئيس الأركان أحمد سيف اليافعي، الذي قضى في المخا مؤخراً.
كما أعلن التحالف منذ أكثر من عام تحرير مأرب وتعز، ولكن لازالت الأخبار تتواتر حتى الآن تارة باستهداف الطيران الحربي تلك المحافظات كصرواح مأرب، والضباب وجبل حبشي وصالة والقصر الجمهوري في تعز، كما أن اقتتال فصائل المرتزقة مع بعضها في مأرب ومع القبائل المتحالفة معها كاقتتالهم مع قبائل عبيدة (بني مراد)، ومؤخراً بني مراد وقبائل قيفة البيضاء، أما تعز صمتت ولولتهم وعويلهم بأنها محاصرة ومخنوقة، لتطفو على السطح خلافات على الأموال المدنسة ثم النفوذ، لتفضي إلى اقتتال جماعة الإخوان مع الجماعات السلفية.. كل هذا في ظل نزوح أهلها وساكنيها إلى مديريات ومحافظات أخرى آمنة تحت سيطرة الجيش واللجان الشعبية، هروباً من جرائم ونيران وسلب ونهب فصائل المرتزقة.
كما أن عدن ولحج وأبين جميعها ليست بعيدة من صراع التحالف ومرتزقتهم، فرغم انسحاب الجيش واللجان منها منذ أكثر من عام و8 أشهر، إلا أن الثابت تسليم التحالف لها لفصائل وقوى الإرهاب بشتى صنوفها، تعيث فيها قتلاً وذبحاً وقمعاً وتفجيراً بالسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة، فلا استطاع التحالف وشرعية الهارب ترسيخ الأمن فيها، ولا استطاع توفير الخدمات لقاطنيها، بل على العكس تماماً عزز الطائفية والمناطقية، وجعل من أبناء تلك المحافظات أبواقاً ومعاول، حيث أهانوا ابتداءً أبناء جلدتهم وإخوانهم من أبناء تعز والمناطق الوسطى، وقاموا بطردهم بطرق مهينة ومذلة، وانتهوا بالاقتتال بين مناصري هادي من الإخوان المدعومين سعودياً والفصائل المدعومة من قبل الإمارات، لتنشب حرب للسيطرة على مطار عدن، لينتهي الأمر بتولي قوة سعودية ذلك، مع بقاء الميناء تحت سيطرة إماراتية، وكذلك (تعز) ابتدأ تحالف الشر بأن زرع فيها شعارات المناطقية والطائفية، وغرس فيها روح الكراهية، فإذا بمرتزقته يهاجمون مناطق وقرى، ويقتحمونها، لا لشيء إلا بهدف التطهير العرقي والتهجير القسري، كالجحملية وقرى الصراري، وقبلها بيت الرميمة في حدنان، لينتهي الأمر بسيطرة فصائل متطرفة على مركز الحالمة، وصراع مسلح بين الفصائل الموالية لتحالف الشر وتربصهم ببعض حتى اللحظة.
إذن، ماذا قدم التحالف بقيادة المهلكة لليمن خلال 700 يوم من الحرب، غير الدمار والتطرف وغياب الخدمات وزرع الكراهية بين نسيج المجتمع الواحد، بل وصل الأمر إلى قرار نقل البنك المركزي بدوافع سعودية أسفر عنه انقطاع تسليم المرتبات منذ 5 أشهر بهدف إذلال وتركيع اليمنيين دون جدوى، فما وجده العدوان صمود أسطوري قل أن يكون له نظير لدى شعب آخر من شعوب العالم.
هنا نقول بملء الفم لمن لازالوا في صفوف تحالف العدوان: (بعد 700 يوم عدواناً) هل لا زال عندكم ذرة شك أن المهلكة وتحالفها يريدون الخير لبقية المحافظات الآمنة (صنعاء والحديدة وإب وذمار وريمة والبيضاء وحجة والمحويت وعمران وبقية مديريات تعز الآمنة)؟ أم أنهم يريدون تعميم نموذج عدن وأبين وتعز ولحج على بقية المحافظات؟ فدخول هؤلاء المحافظات الآمنة والمستقرة (إلا من غارات طيران الغدر والعدوان) ستكون حتماً فصائل الإرهاب بشتى صنوفها مصاحبة لدخولهم، والتي قطعاً ستوغل في الذبح والقتل والسحل والنهب والسلب وتفجير المساجد وقباب وأضرحة الأولياء، كما فعلت بسابقاتها من المحافظات، فحذار حذار من بنكنوت المهلكة، فثروة المعتدي كما قالها متنبي الشعر الراحل عبدالله البردوني (كسروال ]قحبة[)، فنحن نرى وطناً يرى دربه، وحتماً لن يراه إلا باستمرار الصمود بوجه هذا العدوان البربري الغاشم، ويجب أن يكون هدفنا الأساسي هو استعادة أراضينا المنهوبة من مهلكة الشر (نجران وعسير وجيزان)، وليس بغيره نستطيع توحيد صفوفنا، وبه نكسر عنق عدو اليمن الأكبر مهلكة الشر.

أترك تعليقاً

التعليقات