محاريب وخنادق «التحصين من كورونا»
 

محمد الباشق

حلقات يومية يكتبها  القاضـي محمـد الباشق / لا ميديا -

أغلب دول العالم في حالة حجر صحي من جائحة كورونا، ونحن هنا لن نناقش مسألة من أين أتى وكيف أتى، ولن نضع مقارنة بينه وبين حالات الوفاة الحاصلة سنويا من الحوادث والكوارث والحروب وبسبب السرطان والتدخين، بل علينا أن ننظر إلى واقع العالم الحالي، وأثر هذا المرض صحيا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا، فيتفق الجميع على ذلك وأن المتوقع أكبر، ولا يخفي على أحد دور دول العدوان وسعيها لنشر هذا الوباء في اليمن. حفظ الله اليمن إنسانا وأرضا.
إخواني القراء الكرام، إن عدوان البشر وظلمهم لبعضهم أشد فتكا من كل طاعون وفيروس، والعدوان الأمريكي الصهيوني وأدواته القذرة من الأعراب والمنافقين هو أخطر من فيروس كورونا، والوعي بدور وأهمية الهوية الإيمانية في تحصين المجتمع مسألة مستقرة في وجدان وسلوك وفهم ووعي كل مجاهد، والجهاد حصانة للأمة وعزة وشموخ وشفاء لما في الصدور من آلام وحنق بسبب طغيان العدوان وجرائمه. ولنتواص بهذه الوسائل الإيمانية من إحسان وجهاد، وعلى الله قصد السبيل.
علينا الاهتمام بالإرشادات الصادرة من المختصين وأخذ كافة وسائل الحيطة والحذر مع دوام الالتجاء إلى الله تعالى بالحفظ ودفع البلاء، وهنا وقبل أن أسترسل أريد أن أنوه إلى مسألة وهي أن البعض عند الدعاء يقول "اللهم لا نسألك رد القضاء وإنما نسألك اللطف فيه"، والدعاء بهذه الصيغة لا يجوز، لأن الدعاء يجب فيه على الداعي أن يجزم بطلبه، لأنه يناجي الله الملك القادر القدير المقتدر دافع الضر والبلوى، وأمرنا أن ندعوه بثقة ويقين، إنه سبحانه وتعالى قريب مجيب، وإنه وحده القادر على نجاتنا ودفع هذا البلاء عنا وكل بلاء، ونسأله دوام العافية وتمامها. 
إضافة إلى ما سبق من الاهتمام بالوسائل الصحية، فعلينا أن ندرك أن التحصين الأكبر يكون بذكر الله والالتجاء إليه والانطراح على أعتاب العبودية لله وحده وصدق التضرع والتبتل والافتقار إلى رعاية الله وحفظه وعونه، والتوكل عليه وربط القلوب بالله، فكل قلب معلق بغير الله هو قلب معذب، وعدم الخوف من أي بلاء، فنحن في مملكة الله وتحت حكمه والنافذ فينا قضاؤه ومشيئته، فنطلب منه جل شأنه المنقلب الكريم.
وليعلم المسؤول أن تحصينه يكون بقضاء حوائج من هم تحت إدارته وبحاجة إلى أن ينجز معاملاتهم، وليعلم العاقل في حارته وعضو المجلس المحلي وكل صاحب مسؤولية أن تحمله لمسؤوليته تحصين لنفسه وأهله، كما أن المنفق والمحسن حاجته إلى وجود من يقبل منه المال والعطاء أعظم من حاجة الطالب للبذل، وحقا إن هذا معنى لمن لباس التقوي سابغ عليه، ولمن أيقن أن ما عند الله خير وأبقى، وأن ثواب الله أعظم، وأن المنعم سبحانه وتعالى يحب أهل البذل والإحسان، وكما قال السيد القائد (حفظه الله): إن الإحسان هو الجسر الذي نعبر به إلى القلوب، فالإحسان تحصين عظيم من كل بلاء وجائحة وطاعون ووباء، فدعوة من يتيم أو أرملة أو مسكين أو ملهوف أو محروم أو فقير يدفع بها البلاء وتحصل النجاة من كل مرض وداء وعلة.
ثقافة الإحسان ما حلت في مجتمع إلا شاهدوا من آيات اللطف والفضل من الله ما يغني عن الحصر، وما تمكين يوسف عليه السلام، وأمن وسكن وزواج موسى عليه السلام إلا من ثمار الإحسان، وكل محسن له من الله المحسن كل فضل ومزيد من الرحمة والفضل والنعم.
وبصراحة لا أتصور أبدا وجود مؤمن بالله محروم من الإحسان وهو قادر عليه، فلا إيمان لبخيل، فالبخل والجبن يجمعهما سوء الظن بالله، كما يقول سيدنا علي (عليه السلام)، وحاشا أن يتصف بالبخل مؤمن، بل البخل صفة حقيرة مذمومة عند كل البشر، والبخل مذمة ومذلة نعوذ بالله منها، فبالإحسان نسعد ونحفظ ونوفق، بل تزداد البصيرة والوعي والحكمة، ويحصل التوفيق.

أترك تعليقاً

التعليقات