لبيك يا رسول الله
 

محمد الباشق

القاضي محمد الباشق / لا ميديا -
من الناس من لا يسعي لتحمل مسؤوليته تجاه مجتمعه، منكفئا على ملذاته، منشغلاً بحياته الخاصة. ومن الناس من يريد النعمة دون اهتمام بمعرفة من أين وإلى أين!
ولذا فإن من النعمة التثبيت، ونعمة قبول الهدي، ونعمة السر ورب الهدي، والتثبيت على الهدي والحكمة في إيصاله للخلق. ولذا فإن سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه وآله، صلاة بعدد ذرات الوجود، وسلاماً لا منتهى له ولا حدود، شكر الله على نعمه وحدث بها؛ نعمة النبوة ونعمة قربه من ربه، فأحب أن تكون البشرية في نعمة القرب من الله ونعمة الافتقار إليه، الذي هو عين الغنى بها وروح الثقة بوعده والحذر من أن يصابوا بوعيده، لذا فلا انحراف في فهم ووعي وإيصال النعم إلى الخلق؛ لأن من انحرف بخلط القدرات العقلية في التعامل مع النعم بحيث يكون مقصودا لتوجه القلوب إليه والأفكار فيه فهي حالة الكهانة التي يمارسها فئات من البشر في تعاملهم مع نفسيات البشر استغلالاً لكوامن ضعف النفوس ولعباً على هذا الضعف البشري.
وحالة عدم تقدير النعمة، وعدم تعظيم المنعم أولاً ودائماً، هي حالة جنون بالنعمة، كحالة من كانوا يئدون بناتهم في الجاهلية ويقيمون العلاقات البشرية على أسس مناطقية وأسرية ومصالح ضيقة، ومن يجدون حقوق الخلق عليهم كحالة القصة المذكورة في السورة نفسها؛ سورة القلب، الذين أصيبوا بحالة جنون وأرادوا حرمان الفقراء والمساكين، فشاهدوا تحول أرضهم إلى أرض محروقة لا تصلح لأي شيء؛ إلا أن هذا الجنون بالنعمة غير مرفوع عنهم قلب الجزاء، وغير بعيد عنهم قلب تقدير العقاب وإنزال جزء منه هنا وادخار عقاب لهم أكبر في دار تمام الجزاء.
وأما هذا الجنون البشري في التعامل مع النعمة، الذي شاهدت البشرية في جميع عصورها أثره من فساد وحروب وصراعات، وما نشاهده من حرب علينا من المترفين وبغي علينا من شركاء في الوطن، هكذا كان ينبغي أن يكونوا، كل ما حصل من عدوان وحصار وحرب اقتصادية ما هي إلا نماذج لجنون البشر في التعامل مع النعمة، ولو أنهم دائماً يذكرون ويتذكرون المنعم لما انحرفوا ولما حرفوا، فالله صان وحفظ نبيه صلوات الله وسلامه عليه وآله عن الجنون بالنعمة، بل شاكراً لله فعلاً، وحامداً لله قولاً، فأنعم الله عليه بمزيد الأجر غير الممنون، الذي تتعدد معانيه في لغات البشر ليشمل أنه أجر غير منقطع، وليشمل أيضاً أنه أجر مستمر، وليصل إلى معانٍ منها أنه أجر غير منحصر.
وإذا كان المعطي للأجر والمعلن عنه هو الله جل شأنه فإنه أجر أكبر وأعظم من أن تحصره معاني اللغات البشرية أو تحيط به أوصاف أي استحقاق بشري مقابل جهد بذل أو عمل تم أو موقف تجلى أو قول صدر أو نية صارت إرادة وإرادة أضحت فعلاً وفعلاً صار واقعاً؛ لأن العلي العظيم أعطى هذا الأجر لمن شهد له أنه على خلق عظيم، صلوات الله وسلامه عليه وآله في كل وقت وأوان ولمحة وحين.
فشرف لنا وأمان أن نحتفي به، وانتصار لنا به صلوات الله وسلامه عليه وآله أن نحتفل به، ولتسمع الدنيا بأسرها ولتشهد في يومها وغدها أن شعب اليمن خرج ابتهاجاً وفرحاً وسرورا في يوم مولد النور، يوم مولد أمننا ونعيمنا سيدنا ومولانا رسول الله محمد، نقول بلسان الحال والمقال: "لبيك يا رسول الله".

أترك تعليقاً

التعليقات