محاريب وخنادق.. «التولــــي»
 

محمد الباشق

حلقات يومية يكتبها القاضـي محمـد الباشـق / لا ميديا -

نجد في سورة الحج، التي تسمى باسم الركن الخامس من أركان الإسلام، وقبل الحديث عن أركان الحج وأعماله، افتتحت السورة بالحديث عن مشاهد القيامة، المستقبل القادم، وخسارة من يشاهد مشاهد القيامة، وكان هنا قد كتب وسجل وحصر عليه ما قام به من تولي الشيطان.
«كتب عليه أنه من تولاه فإنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير».
الآية (4) من سورة الحج تشير إلى ركن عظيم هو دليل القيام بكل ما كتب الله من الأحكام الشرعية، لا بد أن يتولى الله ورسوله والذي آمنوا. 
فهذا هو نور الهوية وبه النجاة من الأهواء ومن تولى الشيطان. الشيطان معبود فرق الإفساد في الأرض، الشيطان كفرد أو نظام أو فكرة أو مشروع، الشيطان المتمثل في الشيطان الذي رفض السجود لسيدنا ووالدنا آدم عليه السلام، والشيطان كنظام ودول وكيانات ومنظومات فساد كبيرة. «وما أمريكا إلا دويلة الشيطان في العصر الحديث والوارثة لكافة الأنظمة الهالكة البائدة من أنظمة الإفساد في الأرض»، ومصيرها مصير كل من سبق.
وكتب على من تولى هذا الشيطان، سواء فرد كمحمد بن سلمان ومحمد بن زايد ومن على شاكلتهما، سلوكاً ومواقف، كتب عليهم الخزي في الدنيا والعذاب الأليم في الآخرة. لذا نجد أن الجهاد ارتبط بالصيام، فمعركة بدر (يوم الفرقان) المعركة الأولى لا تكتسب أهميتها من النظرة السطحية للعدد والعتاد، وإنما الباعث والأثر، فالباعث هو التأكيد على أن منهج الله المتجذر في نفوس تلك الفئة المؤمنة يحتم عليهم عدم الاستكانة لطواغيت الأرض، وأن الجبهة التي تسجد لله على الأرض لا تقبل أبداً حياة المذلة. وأما الأثر فسقوط أبي جهل وعتبة وأمية، سقوط مشروع الرأسمالية الجاهلية، وإن حاول أبو سفيان أن يرثهم في القيادة إلا أن محاولاته تلك كان مصيرها الفشل.
وليس من نافلة القول بأن اليهود تأثروا بنتيجة ما حصل في بدر، فظهر غيظهم وحنقهم باستهداف المرأة المسلمة في سوق بني قينقاع، وما ذلك إلا من آثار انتصار المسلمين في معركة بدر. تلك النفوس اليهودية التي كانت تحيك المؤامرات سرا لم تتحمل أنوار ذلك الانتصار. وتسارعت الأحداث فهوى خبيث اليهود ورأسهم المدبر حيي بن أخطب، ونفي وقومه لخيانتهم وثيقة المدينة المنورة، واجتمع الجبت والطاغوات (اليهود وكفار قريش) في معركة الأحزاب التي أردوا القضاء فيها على الإسلام.
وتصور سورة الأحزاب خطورة ذلك المخطط وكيف أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمين معه تحملوا مسؤوليتهم الجهادية. والمتأمل في سورة الأحزاب يجد أنها تتحدث عن ثمار تحمل المسؤولية من قبل القائد والمخلصين معه.
فتح مكة كان في شهر رمضان المبارك، والعديد من معارك الإسلام الفاصلة في أقطار العالم الإسلامي كمعارك الحفاظ على الوجود الإسلامي في الأندلس وصد التتار. وليس آخر هذه المعارك معركة العاشر من رمضان، بل إن جهادنا ضد أخبث أهل الأرض في هذا الزمان، الأحزاب الجدد ترامب والأعراب، هو جهاد على خطى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والإمام علي عليه السلام، بالقيادة الحكيمة المؤمنة للسيد العلم عبد الملك بن بدر الدين الحوثي حفظه الله. ونستبشر يقيناً لا تخرصاً ولا كهانة بأننا سنشاهد في هذا الشهر المبارك لعامنا هذا 1441هـ أن يتحقق به وعد الله في قوله جل شأنه: «كتب الله لأغلبن أنا ورسلي، إن الله قوي عزيز» (الآية 21 من سورة المجادلة)، وفي الآية 173 من سورة الصافات: «وإن جندنا لهم الغالبون». 
وما يعرف المنافقون إلا في كتابة التولي، لمن التولي؟ وتظهر حقيقتهم في التولي.

أترك تعليقاً

التعليقات