الأخضر كـ«بياض وجه»
 

نجيب القرن

نجيب القرن / لا ميديا -
حالة طوارئ واستنفار كبير وسباق وتنافس بين مسؤولي المحافظات لإبراز اللون الأخضر! وذلك مع حلول مناسبة يوم ميلاد الرسول الأكرم.. والشغلة هنا طبعا سهلة جدا وبسيطة (رناج وتعليق لمبات) ليس فيها تنافس لاختراع أصل مادة الرنج أو اختراع مصباح واحد أو تنافس لإضاءة بيوت بعض المعدمين من وصول التيار الكهربائي التجاري إلى منازلهم. 
المهم يجب أن نبتهج ونظهر فرحا كبيرا بمقدم خير البشرية، ونرسل رسالة عالمية عن مدى حبنا وتعلقنا برسولنا الأكرم، وأنا مع ذلك، إلا أنه في الوقت نفسه علينا أن نعي أن "زينة اللمبات وزيت الرنج" ستنطفئ وتزول بعد نهاية المولد مباشرة..! حقيقة لا جدال فيها لأن لدينا مناسبات أخرى مختلفة وعديدة طيلة العام.
مقصدي الآخر أن هناك فرقاً بين زينة الخضرة المؤقتة و(المخضرية) الدائمة التي نراها دوما في حياتنا ونعاني منها! وأكيد الكثير يعرف الطرفة الشهيرة حول عبارة "عد تقع مخضرية"،وهي باختصار وقد سمعتها من لسان والدي رحمه الله في صغري.. يحكى أن رجلا كان يطبخ في باب اليمن بداية الثورة وعقب حكم الإمام فاصوليا وكان يربط حماره بجانب (دست) الفاصوليا ويوم من الأيام تبرز حماره داخل الصحن وهو مشغول فلما انتبه تلفت يمينا وشمالا ليتأكد أنه لم يره أحد ثم قام بخلط روث الحمار مع الفاصوليا وقال كله مخضرية.. فتغير لونها وكان البعض يسأله بعد تغير طعمها ولونها فيجيبهم "مخضرية".. أصبحت كلمة مخضرية مشهورة.. وفي يوم من الأيام زار أحد الرؤساء مع وفده ليبيا للقاء الرئيس القذافي، وأثناء اللقاء قال القذافي ما رأيكم أن نجمع "الكتاب الأخضر" مع "الميثاق الوطني"؟ فقال أحد الحاضرين من جانب وفدنا ومباشرة "عد تقع مخضرية"، فضحك بقية الوفد والقذافي لا يعرف سبب ضحكهم.
أظن أن البعض أدرك المخضرية التي نعاني منها اليوم في معظم دوائرنا الحكومية واختلاطها المؤثر على مجتمعنا.
نريد أن نرى اخضرارا لواقع حياتنا.. خضرة دائمة لا مخضرية.

أترك تعليقاً

التعليقات