لماذا نؤيد أنصار الله؟!
 

نجيب القرن

على مدى عقود طويلة من الزمن، ظلت أحزاب يسارية ويمينية تتغنى بشعارات الثورة والمدنية، لنكتشف في الأخير أن مصطلح ثورة في نظر أحزابنا هنا في اليمن، وبالتحديد أحزاب اللقاء المشترك، أحزاب المعارضة، لا يعني سوى التقاسم والتسويات، وبحسب إملاءات دول خارجية، في مقدمتها السعودية وأمريكا.. الوصول إلى المدنية التي ظلوا يتشدقون بها في أدبياتهم، تحولت فجأة إلى مجرد المكوث على بوابة الاستجداء لمخرجات ومبادرات دول الخليج المعروف نهجها المتخلف مسبقاً..  لقد أهينت كلمة الثورة ومدلولها القوي على يد مسوخ الثورات هؤلاء باستثناء بعض القواعد الحزبية المخالفة لقيادتها المنقادة.. أهين المعنى الثوري للثورة والمأخوذ من الثوران، حين أصبحوا متجمدين كألواح الثلج فاقدين الروح الثورية التي تلامس واقع الحياة ومظلومية الناس ومتطلباتهم.
سنوات مضت وهم يعتقدون أن بإمكانهم التغيير من خلال الوسائل والأدوات الانبطاحية المهينة، والتي لم تجلب لهم أو تورث سوى مزيد من الذل والتخلف والضعف، وصولاً إلى الاصطفاف مع أعتى الطواغيت المجرمين، دون حياء وخجل.
الخلاصة أنهم للأسف ثاروا في نهاية المطاف ضد أهلهم، واصطدموا مع غالبية الشعب حين تورطوا في التحالف جهاراً مع مملكة الشيطان التي يلفظها شعبنا، ولا يستسيغ ممارسات أسرة آل سعود منذ زمن بعيد، هذه الأسرة التي لا يمكن أن يأتي الخير من جهتها أبداً.
ومع بداية شن العدوان على بلدنا قبل أكثر من عام، تكشفت هذه الأقنعة المدعية للثورية، لنراها بكل وضوح ثائرة في صف العدو التاريخي لبلدنا، ومؤيدة عاصفته المستهدفة للشعب اليمني بكله، ورأيناهم بوضوح مؤخراً كيف يرحبون بالأمريكان دون خجل.. فهل بعد هذا يمكن أن يصدقهم عاقل حين يتكلمون عن معاني الثورية والمدنية؟
انخدعنا بهم سابقاً، ولفترة طويلة من الزمن، حين كانوا يتشدقون بمقارعة الظلمة، وغيرها من المعاني الحماسية التي كنا نتحمس لها أثناء فترة الشباب خاصة، ثم نصطدم بهم كل مرة حين نراهم غير جادين في خوض غمار التغيير والتضحية، فأصبحنا بعد تسرب اليأس نحلم ببزوغ تيار ومنقذ حقيقي ونتمنى ظهوره.. إلى أن لاح أنصار الله يتقدمهم قائد لثورة حقيقية وبسحنة اليمني البسيط الحالم والثائر ضد الظلم والمستعد لمقارعة طواغيت الكون كله. ولأننا ندرك جيداً أن الواقع اليمني بات أحوج كثيراً لوجود عصا غليظة للحزم مع العدل، فقد أيدنا ظهور وتقدم أنصار الله الرافض للفساد دون مداهنة، والمؤمن بالشراكة مع الآخر.. الشراكة التي لا تعني التقاسم وغض الطرف عن ممارسة الفوضى.
قادة الأحزاب وغالبية قواعدهم لا يؤمنون بالنهج الثوري المغامر المعتمد على الله, النهج القائم على أبسط المقومات والوسائل المتاحة، لأن هذه الأحزاب نشأت على ثقافة وبرامج الحشو النظري أكثر من كونها برامج ديناميكية. سنوات عدة مضت وهم يعتقدون أن التغيير يمكن أن يلج عبر بوابة الخطب والقصائد الحماسية لوحدها, سنوات مرت وهم يسترخون على بساط المداهنة، وينتظرون الحل على رصيف المقايضة بأحلامنا مع أكابر المجرمين وفراعنة الأرض المتآمرين على بلدنا داخلياً وخارجياً, سنوات تمضي وهم يتسولون فتات الحلول التي لا تؤسس لبلد مستقر، ولا تؤسس لبناء جيل حر معتمد على ذاته دون التطلع لموائد الآخرين. 
وبحجج مواكبة المرحلة والتدرج والمنعطفات الخطيرة، ظل قادة الأحزاب أعماراً وأحقاباً ينثرونها على أنفسهم الخائرة، وعلى عقول أتباعهم، لتمضي السنون، ويشيخ ويهرم الغالبية، ويموت الكثير من أبناء الشعب كمداً وهم ما زالوا يورثون لمن بعدهم نظرية الدوران في حلقة مفرغة، لنبقى بعيدين كل البعد عن التوصل والاقتراب من الحلول الحقيقية والناجعة لداء الوطن.

أترك تعليقاً

التعليقات