نجيب القرن

ماذا تعني ممارسة الانتخابات الرئاسية الإيرانية في ظل وجود حكام ومحكومين يؤمنون بأصل الإمامة..؟ ألسنا نسمع ليلاً ونهاراً أن هذه الإمامة تنتج التخلف والتأخر، وهي دعوة للسلالية وحاكمية الفرد الواحد؟!
تابعنا جميعاً، وعبر وسائل الإعلام، نقلاً مباشراً للانتخابات الرئاسية (ليست الأولى) في جمهورية (إمامية) تمارس الديمقراطية بكل وسائلها العصرية، وبشهادة كبريات المنظمات الرقابية المتخصصة بتقييم الانتخابات في أكثر من بلد.
الشبهة التي يلوكها الكثير ممن يدعون ويحلمون بالمدنية، هي أن إيران يحكمها شخص واحد اسمه المرشد أو الإمام، وهو الحاكم الحقيقي لمؤسسات الدولة كلها، وغرضهم بالطبع من خلال هذا الطرح الدائم تنفير الناس عن رؤية تجربة الحكم الناجح والديمقراطي في إيران.
هل يشهد هذا البلد الإمامي وضعاً متخلفاً، خصوصاً في المجال العلمي والتكنولوجي، أم يعيش ثورة فكرية وعلمية، خصوصاً بعد مجيء الثورة الإسلامية وإمامها؟
ما يهمنا أكثر.. هل وجود مبدأ الإمامة التي يخوفون الناس منها، يلغي حريات الناس ويجعلهم مستعبدين متخلفين؟!
الديمقراطية متنفس الجماهير للوصول إلى الحرية في الاختيار، وهي حالياً تمارس في إيران على أوسع نطاق، وبين حزبين كما هو حال الدول الكبرى، ولو كانت الدولة بيد شخص واحد كما يردد الببغاوات، فتلك إذن معجزة خارقة للعادة أن يقود كل ذلك التطور ومتابعة مؤسسات الدولة رجل واحد بمفرده، وهو في العقد الثامن من العمر.
لقد استطاعت جمهورية إيران أن تثبت للعالم أجمع إمكانية ممارسة الديمقراطية ومشروعية تطبيق مبدأ الإمامة المتمثلة بوجود المرشد القائد، والذي يتمتع باختصاصات يمارسها في حدود مجاله المكمل لبناء جسد الدولة وحفظ وحدتها وتماسكها، مع إعطاء صورة بارزة للنظام الإسلامي المتميز عن بقية أنظمة العالم.
تطبيق الديمقراطية بشفافية رسالة قوية مفادها أن ديننا الإسلامي يستوعب كل تجربة وقانون ينفع الناس، وليس صحيحاً ما يردده البعض من أن شرط الوصول للنهضة والتطور مرهون بفصل الدين عن الدولة.
انتخابات إيران، سواء الرئاسية أو البلدية أو غيرها من الانتخابات التي تجرى هناك، تعتبر أيضاً صفعة قوية للمتشدقين بالحريات من الذين يخضعون ويحتكمون لملوك وأمراء وأسر ومشيخات خليجية لا تعرف رائحة الانتخاب. من المعيب والمخجل والمضحك أن ترى الكثير من الأقزام عقلياً تطل لتحدثنا عن التخلف وخطر الإمامة والسلالية، وهم غارقون طيلة حياتهم في مستنقع العبودية والذل، وهم لم يصلوا بعد لرؤية عُشر ديمقراطية بلد (الإمامة) إيران التي تخلصت من مسمى مملكة وأسرة الشاه، لتنتقل إلى جمهورية حقيقية تمارس حريتها، مع اعتزازها بقيم الإسلام، ولا تتنازل أو ترى في تطبيق أصل (الإمامة) تعارضاً مع حداثة العصر.

أترك تعليقاً

التعليقات