ماتيس يدعو العرب لمحاربة الأعداء!
 

نجيب القرن

زيارة وزير الدفاع الأمريكي ماتيس لـ4 دول عربية بدءاً من السعودية واختتامها في إسرائيل، تكشف بعض ملامح السياسة الأمريكية القادمة في المنطقة، كل شيء بات يمضي بالمفتوح وأمام مرأى ومسمع العالم، لا توجد لعبة اتفاقيات سرية وأخرى علنية، وكأن أمور السياسة وتوجهات الدول أشبه بلعبة التخفي عند الأطفال، أو أشبه بزيارات ليلية تتم والناس نائمون!
نحن في عصر الفضاء المفتوح، والذي يرصد حتى توجه حركات الرياح والسحب، وأقل شيء يدركه الجاهل في أمور السياسة هو أن الإطار العام لتوجهات الدول الكبرى وقضايا التحالفات والاتفاقيات وأوجه التعاون، باتت معروفة وواضحة، ولا تحتاج لتفسيرات وتأويلات. هل يمكن على سبيل المثال أن نعتبر أن أمريكا تكره الأسرة السعودية وتحب السياسة الإيرانية وتريد فرضها بالمنطقة؟!
المشكلة ما زالت بعض العقول المغلفة بالغباء تعتقد ذلك، مع أن الكثير يدركون حقيقة أمريكا ووجهتها وأصدقاءها، لكن العمالة والسقوط الأخلاقي والقيمي وعوامل أخرى مادية تضعهم في خانة الدفاع عن العدو والموت لأجل أمريكا, معتقداً بعد ذلك أنه يعمل لصالح الإسلام والمسلمين، وأن ضرورة الواقع جعلتهم يتماشون مع سياسة العدو لفترة مؤقتة ومحدودة للاستفادة منهم فقط، من ثم سينطلقون أحراراً مستقلين.. مع أن من يصل إلى أحط منزلة من الارتهان للعدو لا يمكن له الفكاك أو الخروج بعد ذلك عن سياستهم الاستعمارية الجديدة.
تصريحات ماتيس جاءت لتتناسب مع مشروع العقل الصحراوي السعودي (علينا أن نمنع إيران من زعزعة استقرار اليمن وإنشاء ميليشيا جديدة على غرار حزب الله اللبناني)؛ هكذا تكشَّف للجميع وبوضوح ماذا يريد الأمريكيون؟
أصبح الأمريكي يشرح ويوضح لنا بنفسه عن الخطر، ويحذرنا منه، ويرسم لنا كيفية العمل على إزالته لأجل استقرارنا ونهضتنا!
لكن، لماذا لا يريدون نسخة شبيهة بحزب الله؟ ولماذا حزب الله بالذات..؟ لماذا لم يقل لا نريد جماعة أشبه بالقاعدة وداعش مثلاً؟!
هل انقلب حزب الله على الشرعية في لبنان، واحتل مدن لبنان، وفرض عليها المذهب الجعفري..؟ هل قام بعملية انتحارية واحدة في الأسواق أو المساجد اللبنانية..؟ هل كفر المسيحيين، ودعا لتفجير كنائسهم؟!
الحقيقة، هم يدركون أن حزب الله لم يزعزع سوى أمن إسرائيل لوحدها، ولذا ليس كرههم له من اليوم. قد يقول قائل إنهم يكرهون حزب الله بسبب وقوفه بجانب الحفاظ على أمن آخر قلاع المقاومة: سوريا.. غير صحيح ذلك، فهم منذ نشأة حزب الله في الثمانينيات وهم جميعاً يخططون للقضاء عليه، ومعلومة مواقفهم من حزب الله في حرب حزيران 2006 م مع إسرائيل.
هل عرفتم لماذا الأمريكان ومن دار بفلكهم يكرهون حزب الله ويحاربونه، ولا يريدون نسخة أخرى تشبهه؟
مع أن أنصار الله ليسوا نسخة لحزب الله، وليس ذلك نقصاً بحقهم، ولا يعيب تشابه الشرفاء والمجاهدين الحقيقيين ضد المشروع الأمريكي الصهيوني، فهذا فخر لنا وليس إساءة، الخزي والعار والذل والهوان لمن أضحى مقاسه يطابق المقاس المفصل على الذوق الأمريكي. . العدو يدرك جيداً خطورة حزب الله على مشروع الهيمنة الأمريكية والاحتلال الصهيوني.. لا تزعجه بقية التيارات الأخرى والمتلفعة رداء الإسلام المهادن والمفرط بثوابت الأمة.
لقد كشف ماتيس على لسانه حقيقة المهمة والغرض الذي يسعى لها, يريدون حماية المشروع الصهيوني في المنطقة، ويدركون أن الخطورة تأتي من قبل نسخة أخرى مماثلة تقف ضد أحادية القطب الواحد, يدرك ماتيس وإدارته أن المنافقين الأجلاف من العرب المتمسلمين هم صمام أمان، وهم أدواتهم المخلصة التي يجب حمايتها والعمل معها وتضافر الجهود للقضاء على أية حركة تنشأ خارج الأهداف التي يريدونها.
فهل سيدرك البعض اليوم ماذا تريد أمريكا ومن هم حلفاؤها المخلصون في المنطقة؟
ختام الزيارة المكوكية لماتيس ستتوجه نحو إسرائيل.. الزيارة لها دلالات ومؤشرات كثيرة, باختصار هي تأتي في إطار التحضير للحرب المشتركة بين حلف الشر أمريكا وأتباعها، ولتكوين اتجاه موحد تحت مسمى الحلف السني في مواجهة (المد الفارسي) الذي هو نحن بالطبع العرب الأقحاح من اليمنيين واللبنانيين، وحرف الأنظار عن العدو الحقيقي والأبدي للإسلام والمسلمين وللأمة، العدو الذي رسمه الله لنا في القرآن من (اليهود والنصارى)، أصبح في نظرهم أصدقاء مخلصين وأولياء مطاعين.

أترك تعليقاً

التعليقات