نجيب القرن

بداية جذور الانحراف العقدي كانت مبكرة مع مرافقة شهوة الحكم ليتم العبث الممنهج بنصوص الروايات والتفاسير القرآنية خدمة لوضع بني أمية، وترسيخاً لدعائم دولتهم آنذاك، مع إضفاء الطابع الديني حولها.
استخدمت آلة الحديث لإنتاج ما يناسب مقاس الأمير، من ثم الانحدار نحو الاختلاف الكبير حد التشكيك بالقرآن، والذي وصلت ذروته في زمن المأمون عهد الحكم العباسي!
نحن اليوم أمام طائفة كبيرة تدعي التمسك بالسنة، لكنها للأسف تستند وتبني مواقفها وأحكامها من خلال موروث سابق أنتجته مدرسة معينة في وضع معين لتتناسل منها جماعات متعددة خاصة التكفيرية، وتأتي أبرز وأكبر الجماعات حجماً في عصرنا الحاضر جماعة (الإخوان المسلمين) التي لا تختلف كثيراً في منهجها وأساليبها عن الجماعات المتشددة، بل ربما انبثقت بعض تلك الجماعات والرموز المتطرفة من بين أوساطها! باستثناء بعض أصوات قليلة تدعي التجديد والوسطية والانفتاح، وهي في طريقها إلى العلمانية، ويبدو أن تأثرها الكبير خصوصاً في اليمن جاء مجاراة وانبهاراً بالتجربة الأردوغانية مؤخراً.
الغريب أن كل تلك الجماعات السنية المختلفة والمتناحرة أحياناً في ما بينها، ستجدها متفقة تماماً حول نقطة الولاء والخضوع التام للأمريكان والصهاينة، واعتبار ذلك من فقه وضروريات الدين والواقع!
هذه الجماعات مهما اختلفت أساليبها وتناحرت في ما بينها فكراً وإرهاباً، في الأخير جميعها خرجت من مشكاة واحدة، ولذا غالباً ما ستراها تصطف مع بعضها ولو اصطفافاً مرحلياً، وكل ذلك لأجل مواجهة مشروع الإسلام القرآني أو الإسلام الثوري الذي يفاصل بموقفه مع العدو الأكبر، ولا يقبل التماهي أو التفريط بالقضايا الأساسية والمصيرية، كمسألة البراءة من العدو.
المشروع القرآني ما زالت تعاليمه ورموزه بارزة برغم التغييب المتعمد لمنهجه وأعلامه، ورغم كل المؤامرات والحروب التي شنت عليه سابقاً وإلى اليوم.
أعتقد جازماً أنه لا حل للخروج من هذا التشرذم والضياع والتكفير وقتل الأبرياء وتشويه صورة الإسلام، إلا بالعودة لمنهجية القرآن وأهله الذين هم الثقل الآخر، قرناؤه المقرونون بتأويله من الراسخين في العلم ممن تتوفر فيهم شروط الكفاءة والشجاعة، وهم موجودون في كل زمان ومكان.

أترك تعليقاً

التعليقات