الثورة.. وعكاكيز الوصاية
 

نجيب القرن

نجيب القرن / لا ميديا -
لماذا من الصعب الانتقال مباشرة إلى إحداث تغيير جذري شامل لمؤسسات الدولة عقب ثورة أو انقلاب سياسي في بلدنا ومشاهدة ثمار الثورة، في مقدمتها تحسن الجانب الاقتصادي الذي ثرنا أساساً من أجله؟!
نسمع حالياً ارتفاع أصوات تنادي بفصل رموز من عضوية حزب المؤتمر، في مقدمتهم أحمد علي، نائب رئيس المؤتمر الشعبي، المتواجد في أرض الإمارات، والبعض يذهب لأبعد من ذلك، إلى حل حزب المؤتمر كله! بحسب أن ذلك هو الحل لاستقرار الوضع المعيشي وانتهاء الفساد المتزايد حالياً!
من المعلوم أنه تم التوقيع سابقا على «اتفاق شراكة»، بين أنصار الله وحزب المؤتمر، وبحضور علي صالح يومها لو تتذكرون، وكان لقائد الثورة عبارته الشهيرة، والتي جاء في معناها أن الذي لا يعجبه ذلك «يضرب رأسه بأقرب حجر أو صخرة»، وانضرب بعد ذلك رأس الفتنة! لكن الشعب ما يزال أيضاً يعاني من ضربات متعددة فوق رأسه، وخاصة أن الصخرة الاقتصادية ما زالت بارزة وتهشمت عليها الكثير من الرؤوس، المتوسطة الدخل خاصة.
مسألة الثورة على النظام ثم التحالف والشراكة والتقاسم معه قد تبدو غير مستساغة ومتقبلة لدى الغالبية، وربما الجو السياسي والمتغيرات الطارئة، التي من أكبرها دخول البلد في عدوان خارجي، فرضت هذا الأمر على الواقع.
ثم من الأشياء التي يفتقدها الأنصار والمختلفة على نمطهم العسكري المألوف لهم والمتمرسين عليه، هو جانب السياسة وخوض تجربة الحكم وتحمل المسؤولية، لأنهم باختصار يفتقدون للمؤهلين لإدارة مؤسسات الدولة، وليست عقلية القائد العسكري شبيهة بعقلية مدير المؤسسة المدنية بالتأكيد.
لذا يتطلب الأمر هنا من حركة أنصار الله بذل الجهد الكبير في تأهيل قيادات بديلة لأجهزة الدولة، وهناك أمر قد يسهل عملية التغيير، وهو إصدار قرارات بدمج وزارات ومؤسسات الدولة، حيث إن وزارات البلد ربما تضاهي وزارات جمهورية الصين الشعبية إن لم تكن أكثر عددا منها! 
عملية الدمج أيضاً قد تساعد في التخلص من الموظفين الوهميين والتسميات الفارغة للمناصب والعبث الكبير الحاصل سابقاً.
هناك أيضاً قادة وأعضاء شرفاء في أي نظام سابق يعقبه ثورة أو انقلاب، وهناك أيضاً كوادر كبيرة مهمشة لم تكن تستند لحزب، هناك الكثير من الناجحين مهنيا، وعلى الأنصار التركيز عليهم واحتواؤهم، فليس من العقل التصادم مع الآخرين بدواعي التعصب مذهبيا أو أسريا وتكرار النظرة لممارسات الأحزاب الخاطئة سابقاً.
عملية بناء الدولة تحتاج نماذج وتفعيل جهاز القضاء والرقابة والمحاسبة ومحاكمة علنية ولو لبعض فاسدين كبار، وكذلك إعادة النظر في نقطة هامة وهي تصحيح القوانين التي عملت على تقنين الفساد وشرعنته دون القدرة على محاسبة من يمارسه، وهنا يكمن مكر الثعالب وأم الخبائث السياسية للدولة.
العمل على البناء سريعاً والتخلص من الفساد الضارب جذوره في أجهزة ومؤسسات الدولة يحتاج لإرادة وعزم، وعدم جعل «اتفاقية الشراكة» الموقعة سابقاً عائقاً أمام التحرك لمحاسبة الفاسدين وإحداث عملية تغيير جادة.

أترك تعليقاً

التعليقات