تدخل إيراني خطير!
 

نجيب القرن

لا تستوي الكثير من التدخلات ومواقف بعض الدول الكبرى تجاه شؤون دول أخرى، إذ يختلف تدخل عن آخر بالتأكيد، وذلك من ناحية الهدف والغرض.
ما الذي فرض تدخل إيران في الشأن اللبناني منذ عشرات السنوات؟ وهل هو مطلوب أم يعد ذلك انتهاكاً لسيادة بلد؟
هل كان غرضه الاستيلاء على مخزون النفط أو الغاز كما هو حال تدخل وهدف الكثير من تحركات الدول الكبرى، وفي مقدمتها أمريكا؟
من المعلوم أن لبنان يعد من أفقر وأصغر الدول العربية، ونسبة المسيحيين كبيرة مقارنة ببقية الطوائف الأخرى السنية والشيعية، أيضاً كانت بيروت محتلة من قبل إسرائيل في بداية الثمانينيات.. تفصيل الأحداث التي مر بها لبنان يطول، ومقصدي باختصار أن بروز حزب الله المدعوم كلياً من إيران، باعتراف أمينه العام السيد حسن نصر الله، في أحد خطاباته، ومكاشفته، واعتزازه بذلك على الملأ.. بروز الحزب وتطوره النوعي في ظل ظروف ومعطيات حرب ومواجهة عدو صهيوني غاصب، لا يقلل من شأن دعم إيران الرسمي في هذه الحالة، بقدر ما يرفعها في نظرنا ونظر كل المنصفين، خاصة وحزب الله أثبت عملياً مقارعته للعدو الإسرائيلي، وإلحاق الهزيمة به في حرب حزيران 2006م، وتمكنه من تحرير الجنوب كاملاً، بعكس بعض الحركات الوهابية المتشددة مثال (كتائب عبدالله عزام)، والتي توجهت بعملياتها الإرهابية نحو الداخل اللبناني في مدينة طرابلس بالذات!
وعلى افتراض عدم وجود تحالف مسبق بين إيران (ولبنان سوريا)، فهل التدخل الإيراني في هذه الحالة يعد انتهاكاً لسيادة بلد مستقل، أم أخلاقياً وإنسانياً يعتبر من أقدس الواجبات؟
المفترض أن يكون العرب في مقدمة الداعمين للحزب المقاوم، وخاصة الخليجيين الأثرياء، أقله بالدعم المعنوي.. لكن للأسف مواقفهم على النقيض من ذلك تماماً، ولا تظنوا أن موقف الأعراب العدائي تجاه حزب الله نشأ مؤخراً بسبب أحداث سوريا.. مواقفهم، وخاصة الكثير من الحركات والجماعات الدينية، تجاه حزب الله، سلبية وتآمرية عليه منذ بداية نشأته!
الدعم الإيراني القوي لحزب الله لم يكن إذن بهدف احتلال جمهورية لبنان أو تحويلها لدولة شيعية كما يشيع الحاقدون، ولم يكن بهدف السيطرة على ثروة مادية كما هو حال الكثير من الدول الكبرى، في مقدمتها أمريكا التي تسعى لتحقيق أغراض ربحية في كل تدخلاتها الإقليمية والدولية.
لقد كشف لنا نموذج حزب الله بجلاء حقيقة أخلاقية نابعة من أسس الإسلام، استدعت وألحت على الحكومة الإيرانية القيام بها، وتحملها تجاه لبنان، بل تجاه الكثير من حركات المظلومين في الأرض، بغض النظر عن ديانتهم ومذهبهم.. فشتان شتان بين تدخل وآخر.

أترك تعليقاً

التعليقات